لا يزال العلم مستمراً في البحث عن علاجات ضد السرطان، المرض الذي يصيب الصغار والكبار. وقد تحققت نجاحات عدة في هذه المعركة، ومنها التوصل الى علاجات فعالة وطرق تشخيص دقيقة إضافة الى تفعيل عدة طرق وقائية أيضا. ومن الأورام التي تحققت فيها عدة نجاحات في مجال العلاج هي أورام الدم في الاطفال.
بحسب د. مها جاسم بورسلي، استشارية الاطفال في قسم امراض الدم والسرطان وعضوة في حملة كان الكويتية فأكثر سرطانات الدم انتشارا بين الاطفال هي اللوكيميا. وقالت موضحة: تمثل اللوكيميا، %30 من حالات سرطان الاطفال. وبحسب الاحصائية، فمن بين كل 100 الى 120 حالة جديدة تشخص بسرطان اطفال، تحتل اللوكيميا بالمعدل ما بين %30-%45 منها وفي سنوات قد تصل إلى %70.
أنواع اللوكيميا
واستعرضت د. مها أنواع سرطان الدم، وهي:
◄ سرطان الدم الليمفاوي الحاد ALL:
أكثرها شيوعاً حيث يشكل تقريباً %75 من حالات اللوكيميا.
◄ سرطان الدم غير الليمفاوي الحاد AML:
يشكل تقريبا %25 من حالات اللوكيميا
◄ سرطان الدم المزمن CML:
يشكل تقريبا %2ــ%5 من كل الحالات. وقد تمر سنة او سنتان بين تشخيص كل حالة واخرى في الكويت.
الأعراض
وعن أعراض الإصابة باللوكيميا، أوضحت د. مها:
– بطيئة وخفية: هي الاعراض الأكثر شيوعا، مثل ارتفاع درجة الحرارة، الشحوب، التعب والارهاق الزائد، فقدان الوزن، فقدان الشهية، الامساك، المغص المبهم (غير مفسر). وهي أعراض مبهمة ومتشابهة مع أعراض امراض متعددة. ولكن ما يميزها هو استمرارها لفترة تزيد على 1ـــ2 اسبوع مع فشل الاطباء في اكتشاف سببها وعلاجها.
– حادة ومتسارعة: تتمثل في اصابة الطفل بعرض حاد ويتفاقم بوتيرة متسارعة مما يشكك في اصابته بنوع من السرطان. مثل: صعوبة تنفس شديدة، صداع شديد، شلل (نصفي او كلي)، نزول حاد في الدم، تعب شديد ومفاجئ (لا يتمكن من الوقوف)، كسور متعددة، وغيرها. يمكن تلخيص الامر بظهور اعراض غير طبيعية تزداد شدتها بوتيرة متسارعة.
الأسباب
قالت د. مها إنه لم يتوصل العلم الى تحديد سبب محدد للاصابة باللوكيميا، إلا ان الابحاث تؤكد ارتباطه بالاستعداد الجيني وتأثير العوامل البيئية. ولكن هناك فئات لديها استعداد اكبر للاصابة، مثل:
– أطفال متلازمة الدوان.
– المصابون بالامراض الوراثية وبخاصة النادرة مثل مرض بلومز او نيورو فايبروماتوسيس.
بالاضافة الى ذلك، هناك نظرية يتم بحثها تحت المجهر حاليا، وهي ملاحظة أن موجة كوفيد 19 الثانية واصابة الاطفال بالتهاب رئوي شديد قد تكون سبباً في تغير جيني يؤدي الى زيادة فرصة اصابتهم باللوكيميا.
العلاج
حول العلاج، اشارت د. مها الى ان علاج اللوكيميا كان يعتمد سابقاً على العلاج الاشعاعي إلا ان تطور العقاقير الكيميائية ترتب عليه تطور فعاليتها ونجاحها. مما تسبب في ثورة علاجية ضاعفت من نسبة نجاة المرضى من %5ـــ%10 (قبل الخمسينيات) لتصل حاليا الى %90ـــ%9.
وأضافت: حدثت ثورة في مجال بروتوكولات العقاقير الكيميائية لعلاج مختلف أورام اللوكيميا. ونتج عنه ارتفاع فرصة شفاء المصابين الى %90. وحاليا تتوافر بروتوكولات علاجية لكل نوع من المرض، فمثلا:
◄ بروتوكول سرطان الدم الليمفاوي الحاد
يستمر كورس العلاج الكيميائي لفترة طويلة ( سنتان ونصف السنة للبنات وثلاث سنوات ونصف السنة للأولاد). تبدأ عادة بالعلاج الكيماوي القوي – المكثف (3-4 اشهر) يليها سنتان من العلاج المخفف. وحاليا تركز الدراسات على ابتكار علاجات عقاقيرية يمكنها تقليص فترة العلاج.
◄ بروتوكول سرطان الدم غير الليمفاوي الحاد
يعتمد البروتوكول على كورسات قصيرة (5 –10 ايام) بأدوية قوية يعقبها فترة من الراحة (لعدة اسابيع) للتعامل مع الآثار الجانبية. ثم يليها الكورس التالي. وعادة يستمر البروتوكول 6 اشهر تقريبا.
◄ بروتوكول سرطان الدم المزمن
في السابق، كان علاج هذه الحالات صعبا ونسبة الشفاء نادرة، إلا ان التطور العقاقيري اكتشف عقارا ثوريا وناجحا ساهم في نجاة الاطفال وتعايشهم مع المرض. حيث يتم علاج الخلل الجيني عن طريق تناول عقار فموي واحد.
آخر المستجدات
أكدت د. مها ان بروتوكولات العلاج في الكويت يتم تحديثها دوريا بحسب التطورات العالمية ومع توفير كل الادوية التي توافق عليه المنظمات الطبية أولا بأول. ومن آخر هذه الادوية:
– عقاقير علاج الانتكاسات المحددة وادوية سرطان الدم المزمن ذات فئة الخطين الاول والثاني، ومتى ما تم اقرار ادوية الخط الثالث عالمياً ستتوافر في الكويت.
– عقاقير لفئة خاصة من المصابين بسرطان الليمفاوي الحاد. وتعطى للحالات الشديدة التي لا تتحمل العلاج الكيميائي.
وبحسب البروتوكول العالمي، يوصى بهذه الادوية لفئة محددة من الاطفال المصابين (يعانون من مرض شديد مع استجابة ضعيفة او سلبية للعلاج الكيميائي).
– العلاج الجيني من العلاجات الحديثة ومنها علاج كار تي CAR T الذي يناسب بعض السرطانات المقاومة للعلاجات الاخرى. ولا يتوافر هذا العلاج إلا في مراكز عالمية محددة، ولكن يتوقع ان يصل الى الكويت قريبا.
زراعة خلايا النخاع
أكدت د. مها ان أول خطوة لعلاج اللوكيميا هي العلاج الكيمياوي. وفي حالة فشل بروتوكولات هذا العلاج سيلجأ الطبيب بعدها الى خيار زراعة خلايا النخاع، وذلك لأن نسبة الشفاء تكون اعلى بالعلاج الكيماوي بينما تنخفض مع العلاجات الاخرى.
وبالنسبة لزراعة النخاع، فهي متوافرة محليا لعلاج عدة امراض سرطانية اخرى، وقد وصلت حاليا التجهيزات الى المرحلة النهائية لبدء عمليات زراعة النخاع لمرضى اللوكيميا.
أطفال اللوكيميا.. أذكياء
علاقة الطبيب مع الطفل المصاب باللوكيميا تختلف تماما عن لقاء الطبيب بالاطفال في العيادات العامة. فعلاقته تتخطى جميع الحواجز لتصبح حميمية وقريبة من الاهل لمعرفة ظروف حياتهم اليومية ومصاعبهم ومخاوفهم.
ولمساعدة هذه الفئة، يكون الطبيب على تواصل مع بعض مرضاه طوال 24 ساعة.
وقالت د. مها: الاطفال المصابون باللوكيميا لديهم ميزة متشابهة وموحدة وهي الذكاء وأسلوب تفكير فذ وشخصية مستقلة. وكأن الله زادهم في الذكاء والبصيرة والصبر حتى يتمكنوا من التغلب على مرضهم. فهم يدركون بأن ما يمرون به حاليا هو فترة صعبة، ولكنها جزء من تجارب الحياة، وأنها صفة تميزهم وستخلق لهم شخصية مستقلة وفذة.
جلسة المكاشفة
حول جلسة المكاشفة، شرحت د. مها قائلة: بعد التأكد من تشخيص المرض، يتم تحديد موعد مع الأهل لمكاشفتهم عن جوانب المرض وخطة العلاج ومستقبله. وبحضور استشاري يتم توفير كل الفحوصات والمعلومات التي سيرغب الاهل في معرفتها. أما الاطفال، فيتولي متخصصون مهمة ايصال المعلومة الى الطفل المصاب بشكل يناسب ادراكه واستيعابه. فمن المهم ان يعرف الطفل معلومات محددة عن مرضه حتى يعرف كيف يتعامل معه ويفهم ما يحدث حوله وسبب أخذه العلاج وحزن أهله، وذلك حتى لا يستنتج استنتاجات خاطئة او يبحث عن المعلومات الخاطئة عبر الانترنت.
معلومات مهمة
– اللوكيميا من أكثر أنواع الأورام السرطانية انتشاراً بين الصغار
– بعض حالات اللوكيميا تعالج بعقار فموي واحد
– العلاج الجيني من العلاجات الحديثة ومنها علاج كار تي CAR T ويتوقع أن يصل إلى الكويت قريباً
– تتوافر بروتوكولات علاجية لكل نوع من المرض
– لم يتوصل العلم إلى تحديد سبب محدد للإصابة إلا أن الأبحاث تؤكد ارتباطه بالاستعداد الجيني وتأثير العوامل البيئية
