«أبناء الفقر».. يبيعون طفولتهم في الشوارع!
أميرة بن طرف|
لولوة الملا
تشارك الكويت العالم اليوم الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، في حين لا يزال بعضهم ينتشرون بين حين وآخر في الشوارع المختلفة، باحثين عن لقمة عيش، يجنونها من بيع «رقي» أو «فقع» أو حتى خضار طازجة من المزارع، وفقا لموسم كل منتج، أو لعب اطفال على اشارات المرور، يبيعونها أطفالاً يقاربونهم عمرا.
ورغم ظروف الصيام في شهر رمضان، وارتفاع حرارة الجو التي تلامس 50 درجة مئوية، فإن هؤلاء الأطفال، يتناثرون في الشوارع المختلفة، باحثين عمّن يشتري ما يبيعونه من بضاعة غذائية، الا انهم في واقع الامر يبيعون طفولتهم، في مقابل ربح بسيط، قد لا يسد لاحقا ما تخلّفه هذه الظروف من س
لبيات نفسية وصحية على أجسادهم وارواحهم.
مواجهة الظاهرة
وبدأت الظاهرة بالانتشار أكثر فأكثر، فما عادت مقتصرة على بيع الفواكه والخضروات، بل امتدت لتشمل عرض الاطفال لخدمات غسل السيارات في مواقف المجمعات التجارية، أو عملهم في المطاعم والكراجات المختلفة في عدة مناطق. وتفاعل مغرّدون محليون إلى جانب آخرين عرب مع المناسبة تحت وسم «عمالة الأطفال»، حيث نشر بعض الحقوقيين صوراً لأطفال يبيعون «الرقي» في الشوارع المختلفة، في حين طالب بعضهم بضرورة تحرك الجهات المعنية ليس لمنع الظاهرة فحسب، بل لمعالجة اسبابها، تمهيدا لاختفائها، معتبرين ان اليوم العالمي لمكافحة عمالة الاطفال الذي اقرته منظمة العمل الدولية منذ عام 2002، يجب أن يكون مناسبة لتكثيف الجهود للقضاء على الظاهرة.
استغلال للطفولة
وتقول رئيسة مجلس ادارة الجمعية الثقافية النسائية لولوة الملا: إن الظاهرة ليست عمل اطفال فقط، بل سوء استغلال لهم؛ لان تتبعهم كشف عن وجود اشخاص يجمعون الاطفال ثم يوزعونهم على المناطق المختلفة لاستغلالهم في بيع المنتجات، علما بأن المستفيد هو من يجمعهم. ولفتت الملا في تصريح لـــ القبس إلى أن بعض الأطفال مضطرون إلى العمل، خاصة من ابناء الجالية السورية، إلى جانب أطفال لأسر بلا معيل، مبينة انهم كثّفوا جهودهم بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الكويتية وفرق تطوعية اخرى، ليس لمحاربة الظاهرة فحسب، بل لحماية الاطفال وأسرهم.
إنقاذ المجتمع
وذكرت الملا انهم يحاولون تتبع الاطفال المنتشرين على قارعة الطرق، للوصول إلى ذويهم ومحاولة مساعدة هذه الأسر، حتى تنتفي الحاجة إلى عمل الابناء في هذه الظروف القاسية، مبينة ان هناك تبرّعات يجب ان تصرف في المحل الصحيح، مشددة في الوقت ذاته على ضرورة تكثيف الجهود لمنح هؤلاء الاطفال فرصة للتعليم لانقاذهم وانقاذ المجتمع ايضا، مستذكرة مبادرة قبل عقود من الزمن بفتح المدارس امام ابناء الوافدين المحتاجين في الفترات المسائية لتعليمهم، متسائلة: لماذا لا تتكرر التجربة ذاتها؟
عادل القلاف
تجاوز القانون
من جهته، قال الناشط والمدرب في مجال حقوق الانسان عادل القلاف إن ظاهرة عمالة الاطفال في البلاد تأخذ اشكالا مختلفة، أبرزها بيع «الرقي» والخضروات في الشوارع، إلى جانب تردد الاطفال على إشارات المرور لبيع لعب الاطفال او الحلويات، مبينا ان هذه الظاهرة تعد مؤشرا على التراخي في تطبيق قانون حماية الطفل.
ولم يستبعد القلاف في تصريح لـــ القبس أن تكون الظاهرة منظمة، لان بعض الشواهد تشير إلى ان هناك من يجمع الاطفال ويودعهم في الاماكن المختلفة للبيع، ثم يأتي في نهاية اليوم لجمعهم، مما يعني سوء استخدام الطفولة.
واشار إلى ان القانون في البلاد يسمح لمن هم فوق 15 عاما بالعمل، لكن ليس في ظل الظروف القاسية كارتفاع حرارة الطقس، والمكوث في الشارع لساعات طويلة بلا مقعد او مظلة، مبينا ان هذا النوع من الأنشطة يعتبر استجداء، لكن بطريقة غير مباشرة، لان كل المنتجات التي يعرضها الاطفال متوافرة في الجمعيات التعاونية.
مطلوب تحرك
وطالب القلاف الجهات المعنية في كل من الحكومة ومجلس الامة بضرورة التحرك، ليس لمنع الظاهرة فقط، وملاحقة الأطفال لأنهم قد يختفون من شارع وينتقلون إلى آخر، بل بمعالجة أسبابها، مشيرا إلى ان بعضهم من الجالية السورية ووضعهم القانوني غير معلوم للآن، وآخرون من فئة غير محددي الجنسية، وقد يكون ذووهم بحاجة إلى فرص عمل.
الفريح: الآباء جزء من المشكلة
أوضحت رئيسة الجمعية الوطنية الكويتية لحماية الطفل د. سهام الفريح أن الجمعية تابعت ظاهرة عمل الطفل في الكويت وتطوع فرق من الإعلاميين للتواصل مع هؤلاء الأطفال لمعرفة من دفع بهم إلى العمل.
وأوضحت الفريح أن التدقيق في هذه الممارسات أظهر أن من يدفع بهؤلاء الأطفال (الوافدون وغير محددي الجنسية) هم آباؤهم أو أرباب عملهم، وبموجب القانون رقم 21 لسنة 2015 فإن مواده تحظر تعرض الطفل عمدا لأي إيذاء بدني أو نفسي.
وذكرت الفريح أن القضاء على هذه الظاهرة يكمن في تنفيذ الجزاءات العقابية بحق أولياء الأمور وأرباب العمل ودراسة حالات الأسر ومساعدتهم إن كانوا يمرون بظروف مالية صعبة. (كونا)