مبارك الحجرف: حماية المال العام الدافع لاستجواب وزير المالية.. ونرفض إعادة توزيره
عقد النائب مبارك الحجرف مؤتمرا صحافيا بشأن استجوابه المقدم لوزير المالية عبد الوهاب الرشيد، مؤكدا أن الدافع الأول في الاستجواب هو حماية المال العام والالتزام بنص الدستور فيما يخص حماية الأموال العامة.
وقال الحجرف، في مؤتمر عقده بالمركز الإعلامي لمجلس الأمة، إنه بعد أن تقدم بالاستجواب إلى وزير المالية عبد الوهاب الرشيد استقالت الحكومة ولم تواجه، ولذلك وجد أن من واجبه توضيح الصورة للشعب الكويتي والتجاوزات التي تمت على المال العام في الفترة الماضية.
واعتبر أن هروب الحكومة غير المبرر من الجلسات يدفع النواب إلى محاسبة الحكومة على تنصلها من واجبها الدستوري.
وأوضح أن المحور الأول من الاستجواب يتعلق بالتستر على إهمال موظفي المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في تحصيل مديونيات شركات تخلفت عن دفع اشتراكات تفوق قيمتها 95 مليون دينار، مشيرا إلى أن إدارة التدقيق الداخلي بمؤسسة التأمينات حذرت من هذا الأمر وتم تشكيل لجنة للتحقيق في هذا الموضوع.
وانتقد الحجرف ما تم من إجراءات في هذا الموضوع من دون وجه حق تمثلت في وقف نائب مدير عام المؤسسة للشؤون الإدارية والمالية من غير تحقيق، وإنهاء عقد رئيس قطاع الموارد المالية بسبب التحفظ على قرار المجلس التأديبي بعدم محاسبة المتسببين في سقوط حق المؤسسة في هذه المديونيات.
وأكد أن كل هذه التصرفات التي قام بها وزير المالية مخالفة لصريح القانون، وفيها انتقام من الأشخاص الذين كشفوا عن وجود التلاعب والمزاجية في تحصيل ديون المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، مستغربا أن يهمل الوزير الذي يتحدث عن وجود عجز اكتواري وتحصيل مديونيات بقيمة 95 مليون دينار.
وضرب مثالا بإحدى الشركات التي توجد عليها مديونية بقيمة 2.4 مليون دينار وتم منحها شهادة السماح بالتنازل عن الرخصة وبيع الشركة بعد أن سددت 400 ألف دينار فقط من المبلغ، على الرغم من أن نص المادة 95 من قانون التأمينات لا يجيز منح شهادة التنازل إلا بعد سداد كامل المبلغ.
واعتبر أن مؤسسة التأمينات الاجتماعية خسرت (عمدا) الكثير من القضايا بسبب تقادم القضايا، وإهمال المؤسسة مطالبة الكثير من الشركات قبل انقضاء مدة السنوات الخمس المنصوص عليها بالقانون.
وأشار الى ان المحور الثاني من الاستجواب يتعلق بتضرر المال العام من صفقة استحواذ بيت التمويل على البنك الأهلي المتحد، مؤكدا أن هذا الأمر تم في عهد وزير المالية الحالي.
وبيّن أنه في تاريخ 8 أبريل 2020 أرسل الرئيس التنفيذي لبيت التمويل مازن الناهض الذي يشغل حاليا منصب وزير التجارة كتابا إلى مجلس الإدارة ذكر فيه 6 تحفظات على صفقة الاستحواذ، مضيفا أنه في 4 مايو 2020 قام مجلس إدارة بيت التمويل بفسخ عقد الرئيس التنفيذي من دون تحقيق ومن دون سماع أقواله لأنه اعترض على صفقة الاستحواذ.
وأضاف أن من التحفظات التي أبداها الرئيس التنفيذي السابق ما يتعلق بالمخاطر التأمينية نظرا لكون الائتمانات والقروض شبه معدومة في البنك الأهلي المتحد.
وذكر الحجرف أنه في 30 سبتمبر 2022 تم إبرام صفقة الاستحواذ بخسائر مالية تصل إلى 177 مليون دولار على الرغم من أن بيت التمويل حقق في الربع الأول والربع الثاني من عام 2022 أرباحا بقيمة تفوق 160 مليونا.
واعتبر أنه بصفقة الاستحواذ تم التفريط بالمال العام وتوريط بيت التمويل الذي يعتبر بنك كل مواطن كويتي والمؤسسة الإسلامية الرائدة في الوطن العربي والعالم الإسلامي ويصنف في مصاف البنوك العالمية.
وأشار إلى أن الخسائر الائتمانية والمخصصات الأخرى للبنك الأهلي المتحد تبلغ 177 مليونا، سيتحملها بيت التمويل، بعد أن كان المخصص قبل الاندماج 17 ألفا فقط، مشبها ما تم كبيع عقار على أنه مؤجر بالكامل ويتبين بعد البيع أنه غير مؤجر، والهدف من ذلك رفع القيمة.
ورأى الحجرف أن صفقة الاندماج يوجد مستفيدون منها، لا يهمهم أموال الدولة ولا أموال الأيتام من شؤون القصر، مضيفا أن «البنك الأهلي المتحد مرتبط ومتورط في قضية صندوق الجيش، حيث إن كل عمليات التحويلات وغسيل الأموال في القضية تمت عن طريق فرعه في لندن».
وأكد أن البنك الأهلي المتحد لم يشكل لجنة تحقيق بخصوص الحسابات البنكية المشبوهة التي فيها اتهامات بالتعدي على المال العام في قضية صندوق الجيش.
وأضاف أن «بيت التمويل بدوره لم يفحص الأوراق النافية للجهالة في ظل اندماج البنكين على الرغم من أنه التزام قانوني في قانون التجارة، ولم يقم بالتحقيق في موضوع هذه الحسابات وأثرها المالي على سمعة بيت التمويل».
وتساءل «من الذي سيتحمل الغرامات التي ستترتب على البنك الأهلي المتحد بعد انتهاء القضايا في صندوق الجيش وحسابات غسيل الأموال في بنك المشرق وغيره من البنوك؟»، مؤكدا أن من سيتحمل هو الدولة والمال العام ممثلة في بيت التمويل.
واعتبر أن «سعر التبادل ظلم بيت التمويل الكويتي والمواطنين لأن الفحص لم يكن نافيا للجهالة ويحقق العدالة للمال العام ومساهمي بيت التمويل».
وقال إن «مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي استعجل عقد الجمعية العمومية بتاريخ 16 فبراير 2022 وحصر الاجتماع في بند واحد وهو بند إعادة تشكيل مجلس الإدارة حتى يضمنوا وجودهم مرة أخرى في ظل صمت حكومي، وكان من المفترض أن تتم الجمعية العمومية في أكتوبر المقبل بجدول أعمال يضم 16 بندا».
واستنكر عدم الأخذ برأي تقرير الهيئة الشرعية على الرغم من أن بيت التمويل بنك إسلامي، معتبرا أن «بند الجمعية العمومية لبيت التمويل الكويتي كفيل بأن يطيح بالوزير من منصبه».
وانتقل إلى المحور الثالث من الاستجواب وهو المتعلق بالضرر على المال العام بمبلغ 178 مليون يورو والمتعلق بشركة ديملر بنز والعضو المنتدب السابق في الهيئة العامة للاستثمار.
وأوضح أنه في عام 1974 عندما تملكت الكويت نسبة في شركة «ديملر بنز»، أصر الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، على أن يكون ممثل الكويت في مجلس إدارة الشركة شخصا ألمانيا من ذوي الخبرة من أعضاء مجلس الإدارة السابقين، مبينا أن هذا الأمر كان لرؤية ثاقبة لدى الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، ستتضح فيما بعد.
ولفت إلى أن شركة «كي بي إم جي» هي المستشار الضريبي للهيئة العامة للاستثمار في هذا الشأن نصحت باتباع ما قرره الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وحذرت من تعيين مواطن كويتي لأنه وفقا للقانون الألماني لا يحق للكويت استرداد قيمة الاسترداد الضريبي بقيمة 187 مليون يورو خلال 5 سنوات، في حين أنه لو تم تعيين أحد أصحاب الخبرة الألمانيين فإنه يحق للكويت الاسترداد الضريبي.
وذكر الحجرف أنه على الرغم من ذلك تم الإبقاء على العضو المنتدب الكويتي لأنه سيحصل على قرابة مليون يورور بونص سنوي، وفي المقابل تخسر الكويت 187 مليون يورو، معتبرا أن ما حصل أمر خطير جدا وفيه إضرار بالمال العامة رغم علمهم بالموقف الضريبي.
وانتقل إلى المحور الرابع الخاص بعدم الالتزام بتطبيق قانون حماية الأموال العامة، مؤكدا أن هناك تعديا على المال العام في مكتب الاستثمار الكويتي بلندن وتخاذلا من قبل الهيئة العامة للاستثمار في تطبيق هذا القانون.
وبين أنه في شهر مارس من عام 2018 قام مدير إدارة السندات في مكتب الاستثمار بلندن ومدير إدارة الأسهم بالتعاون مع مدير شؤون الموظفين بزيادة رواتبهم ومكافآتهم السنوية من دون وجه حق خلال الفترة التي خلا فيها منصب رئيس المكتب، وورد هذا الأمر في ملاحظات ديوان المحاسبة في عام 2019.
وأوضح أن رئيس المكتب قام بالتحقيق في الموضوع واكتشف مخالفات جسيمة بحق الموظفين الثلاثة الأجانب وعقدت جلسات تأديبية انتهت بفصل هؤلاء الموظفين بسبب المخالفات الجسيمة والتعدي على المال العام.
وأشار الى أن رئيس المكتب طلب تقديم بلاغ للنيابة التزاما بقانون حماية الأموال العامة ولكن تخاذلت الإدارة القانونية في الهيئة العامة للاستثمار في هذا الأمر، وإلى الآن لم يتم تحريك ساكن في هذا الأمر لأن هؤلاء محميون ويراد تغطية الناس الذين وراءهم، مضيفا أنهم قاموا بفصله حتى لا يتم جر أحد بعد التحقيق معه والضرر هو المال العام والمواطنون نتيجة عدم التبليغ عن الجرائم التي تمس المال العام.
وقال الحجرف إن تلك التجاوزات لم تقابلها إجراءات مناسبة من الحكومة ومن وزير المالية، في الوقت الذي التزمت وزارة الصحة بقانون حماية المال العام وسعت للحصول على أحكام نهائية فيما يخص الاختلاسات التي تمت في مكتب لندن وغيرها من المكاتب.
وأوضح أنه فيما يخص محور تضليل مجلس الأمة فإن وزير المالية أكثر من وجهت له أسئلة ولم يجب عن غالبيتها، إما لعدم وجود إجابات لديه وإما أن لديه إجابات خطيرة جدا لا يريد الإفصاح عنها.
وذكر أن هناك شكاوى نيابية عديدة بخصوص إجابات غير حقيقية عن الأسئلة الموجهة لوزير المالية، متسائلا «هل تهدف إجابات الوزير غير الدقيقة إلى حماية المسؤولين عن التجاوزات؟».
واستشهد بإجابة الوزير عن سؤال للنائب سعود العصفور بشأن نشاط شركة «سانت مارتن» العقارية المملوكة للدولة بأن الشركة اشترت عقارا منذ 8 سنوات بينما يؤكد تقرير ديوان المحاسبة أن الشركة لم تشتر أي شيء منذ عام 2014، معقبا «وزير في إحدى الحكومات الغربية قدم استقالته على تصرف لم يصل إلى مستوى هذا الأمر».
وأبدى الحجرف استغرابه من تمسك الوزير بمنصبه في ظل كل هذه المخالفات، مشددا على أن النواب سيقدمون الاستجوابات سعيا لإقالة وزير المالية وغيره من الوزراء ممن لا يقوم بدوره في حماية المال العام ومصالح الشعب الكويتي، نافيا في ظل ما ذكر من حقائق أن يكون الهدف هو التأزيم.
وعن المحور السادس من استجوابه قال إنه يتعلق بسوء إدارة صناديق الأجيال القادمة والاحتياطي العام، مشيرا إلى وجود تقارير صحافية غربية تتحدث عن الفوضى في الهيئة العامة للاستثمار، وتراجع دورها بعد أن كان مكتب استثمار لندن في عام 1983 يطلق عليه «المقتنص الجريء».
وأكد الحجرف وجود تعارض مصالح وتنفيع في شركة النقل العام بتعيين رئيس تنفيذي مخالف للشروط بسبب صلة القرابة مع أحد الأشخاص في الهيئة العامة للاستثمار.
وذكر أن ما حدث في اختبارات «المضيفات» والتحقيق فيه من قبل السلطات الإسبانية يضر بسمعة الكويت، مبديا استغرابه من إدارة شركة مملوكة للدولة بهذا الشكل، متسائلا عن إجراءات الوزير للدفاع عن سمعة الكويت في هذا الموضوع.
وشدد على أنه لا يعارض تثبيت الكفاءات في المناصب الفنية في هيئة الاستثمار والشركات التابعة، إلا ان ذلك لا يمنع منح الفرصة لضخ دماء جديدة والاستفادة من الكوادر الوطنية الشابة في هذا الجهاز الاستثماري للدولة.
واعتبر الحجرف أن هناك تنفيعا من خلال تعيين المستشارين في إحدى الشركات التابعة للهيئة على حساب المال العام، مضيفا أن الوزير لم يجب عن الأسئلة الموجهة من أكثر من نائب في هذا الشأن.
وفيما يتعلق بما ورد في الاستجواب عن سوء إدارة شركة «غرين هاوس» للبنية التحتية التابعة للهيئة العامة للاستثمار، أوضح الحجرف أنه وردت بخصوصها 4 ملاحظات على أداء الشركة وضعف أداء لجنة الاستثمار ووجود شبهه تعارض مصالح عند تقييم الاستثمارات وربطها بنظام تحفيز الموظفين وعدم الالتزام بالدراسة الاستشارية الخاصة بالرواتب وتحفيز الموظفين.
وأضاف أن «شركة عقارية لم تقم بشراء عقارات، وما تقوم به تمويل للشركات الأخرى ومنها شركة تركية للطاقة بمبلغ 150 مليون دولار في 2018 على الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب في تركيا في ذلك الوقت».
وقال الحجرف «نحن ورثنا مؤسسات متكاملة وجميلة أسسها أمراء الكويت ورجالاتها، منها صندوق الاستثمار في لندن كأول صندوق سيادي في العالم، منتقدا إقالة مدير المكتب الذي حقق نتائج أفضل من الصندوق النرويجي وفقا لمبدأ المزاجية في التقييم».
وأضاف «نحن دولة نفطية وهذه الثروة ناضبة وإن لم نستطع حماية أجيالنا القادمة وتأسيس ميزانية رديفة للدولة في قادم الأيام من خلال استثماراتنا فإننا نساهم في تدمير هذا الإرث الذي تحقق»، مشددا «لن نقبل بذلك وسنقوم بمسؤوليتنا أمام الله والشعب الكويتي في الدفاع بكل ما أوتينا من قوة عن مكتسبات الشعب».
وفي موضوع آخر، اعتبر الحجرف أن تأخر تشكيل الحكومة سيعيدنا إلى المربع الأول، موجها رسالته إلى سمو رئيس الوزراء بأن إعادة تكليف وزير المالية يشكل خطرا على القوة المالية للكويت، مشددا على أنه «لن أقبل بعودته مرة أخرى وكذلك وزير شؤون مجلس الوزراء نظرا لما تم من عبث في عمليات النقل وقتل طموح المواطنين، واستباحة مجلس الخدمة المدنية».
وأكد أن «المجلس منح الحكومة كل ما تريد، وقوبل ذلك بقتل طموح المواطن»، مطالبا رئيس الوزراء حال إعادة تكليفه بأن «يختار رجال دوله تقود البلد وتغيير حالة الإحباط التي يعاني منها الشعب الكويتي».
واختتم الحجرف مؤكدا أن «المطلوب من الحكومة العمل على رسم مستقبل مشرق لهذا البلد، بدءا من التشكيل الحكومي الجديد»، مشددا على أنه «لا توجد شخصانية مع أحد وأن التقييم بناء على الأفعال».