الشيف شاهين خليل: للعزوبية أثر كبير في نجاحي

6

أرسله أهله إلى بريطانيا لدراسة الهندسة المعمارية، لكنه توقف عنها في السنة الثالثة، ولم يستهويه الاستمرار، والتحق بمدرسة للطبخ، ثم بدأت المقارنات التي حاولت أن تحبطه، فقرر الدراسة في المجالين، ونجح وحصل على الشهادتين، ثم بدأ بتصوير أكلات بسيطة بعد تطويرها، ومنتجتها ونشرها على إنستغرام، ومن جهة أخرى بدأ بتأسيس شركته للهندسة المعمارية، وذهل عندما بلغت مشاهدات إحدى فيديوهاتها 6 ملايين، فقرر التركيز على الطبخ، والدمج بينه وبين الهندسة المعمارية من خلال إعادة هندسة الأطباق وتقديمها بروح شاهينية. إنه الشيف العراقي شاهين خليل، الذي انتشرت فيديوهاته على السوشيال ميديا بقوة.

لم يتعلق شاهين بالطبخ في صغره، والأمر لم يتعد الوقوف للشواء مع العائلة، وعندما عاش الصراع بين الهندسة والطبخ، قرر أن يطبخ بصفته هاوياً فقط، والسبب كما يقول ضاحكاً: «الجوع كافر، والسكن بمفردي أثناء فترة الدراسة جعلني أجبر نفسي على تعلم الطبخ. ومن هنا، اكتشفت أنني أستمتع بالطبخ، وبدأت أجرب وصفات جديدة، بنظرة هندسية، كنت أضع الطبقات وأنظر إليها كأنني أنسق عمارة، ثم أعددت فيديو طبق الدولمة «المُهندَس» بالكافيار ودبس الرمّان، نشرته ونمت، وفوجئت في الصباح أن المشاهدات تجاوزت المليون».

الدولمة العراقية

يتذكر الشيف شاهين وصفة البطاطا المنفوخة التي استخدم لنفخها مجفف الشعر، يعلّق قائلاً: «أول طبخة فشلت بها هي أكثر طبخة أحبها، الدولمة. لم يكن هناك أي ردة فعل، ممن حولي الحمد لله؛ لأنني جربت أطبخها لما كنت أسكن وحدي. بعد ذلك أصبحت الدولمة من أكثر الوصفات التي أبدع فيها، وهذه الوصفة بالذات قمت بتطويرها، وغيّرت في بعض المحتويات، وأضفت أفكاراً لم ترق للكثيرين، وبدأت أتلقى الانتقادات الكثيرة والتعليقات المتناقضة عندما طرحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ربما لأنها تمثل تراثاً عراقياً عريقاً، لكنني بعد ما افتتحت مطعمي وجرب الناس وصفاتي غير التقليدية، تغيرت وجهة نظرهم».

يعترف الشيف الشاب أنه يخطئ في وصفاته أحياناً، وهنا برأيه يظهر الشيف الحقيقي الذي يتمكن من إصلاح ما أخطأ به، يعلّق قائلاً: «هناك مرات تتراكم فيها الأخطاء، التي تكون كبيرة تضطرني لأن أعيد الوصفة من جديد وأتعلم من خطئي».

السوشيال ميديا

يكشف الشيف شاهين أن للعزوبية أثراً كبيراً في النجاح؛ لأنه تفرغ من جهة لشغف ابتكار الأطباق الجديدة، ومن جهة أخرى فقد اكتشف أن هذا الشغف بدأ يكبر عندما كان وحيداً في السكن، وهنا يدور التساؤل: هل سيرفض صاحب هذه العزوبية الشغوفة أطباق زوجة المستقبل، أم أنه غير مهتم بدخولها إلى المطبخ؟ يؤكد الشيف شاهين أنه يتمتع بعقلية منفتحة، ويتوقع أن يجرب أطباق زوجة المستقبل، وإن لم تعجبه سيحضر صنفاً آخر، يستدرك قائلاً: «إلا إذا كنت أمارس عملي في مطعم من الصباح حتى المساء، فربما يختلف الأمر، لكنني بكل الأحوال أحب المساعدة، التي عودتني عليها أمي». يفخر الشيف العراقي بالمحتوى الذي يقدمه، على السوشيال ميديا، والذي يجده سبباً لنجاحه، فهو يجعل المتابعين يركزون على الوصفة وليس عليه، ويشرح وصفاته بطريقة عفوية يحبها الناس، إضافة إلى استخدام مصطلحات طبخ علمية. كما أن عرض فيديوهاته على السوشيال ميديا، هو ما جعل الكثير ممن يرغبون في افتتاح مطعم جديد التواصل معه، كانوا يعطونه ديزاين المطعم ليبني عليها أطباقاً تتلاءم مع الشكل النهائي لديكورات المطعم.

السعر للتجربة

وصول الشيف العربي إلى العالمية، ممكن جداً برأي الشيف شاهين، فهو لا يجد أن هناك أي تحيزات ضده، يتابع قائلاً: «يوجد شيفات عرب استطاعوا أن يصنعوا مسيرة نجاحهم ويصلوا إلى العالمية ويحققوا جوائز مختلفة في مجال الطبخ». طالما رد في وسائل الإعلام أن مثله الأعلى هو الشيف هيستون بلومنثال، الذي تصل تكلفة الشخص الواحد في مطعمه إلى مئات الدولارات، وعلى الرغم من أنه لم يجرب المطعم، حتى يقدر إن كانت هناك مبالغة في السعر، يستدرك قائلاً: «هو من أنجح المطاعم في العالم والسعر للتجربة أكثر من نوعية أو كمية الطعام المقدم». أيضاً افتتح مطعمه العراقي «يابا» في دبي، وهو، كما يقول، يقدم طعامه لكل الناس الذين يزورونه، وقد اعتاد أن يقدم أطباقه، للشخصيات المهمة، كما قدم أطباقه المبتكرة في مؤتمر حكومي بمتحف المستقبل في دبي.

طريق النجاح الصعب

لا يجد الشيف شاهين بأساً في استخدام الكلمات العراقية العميقة، فاللهجة العراقية ليست صعبة، برأيه، وكما يعتقد البعض، بدليل أن الأغنية العراقية مفهومة في عموم الوطن العربي. وبالمثل لا يجد أن أخطاء الطبخ مقتصرة على السيدات فقط؛ إذ يقول: «كل شخص ممكن أنه يخرب طبخة، سيدة كان أم رجلاً».

ولطالما سمع من الكثيرين أن وجهه يوحي بأكبر من سنه، يعلّق قائلاً: «طريق النجاح صعب بالتأكيد».
سأجرب أطباق زوجة المستقبل، وإن لم تعجبني سأحضّر صنفاً آخر