الهدوء والروية في توثيق الأحداث التاريخية ،،، بقلم: خالد طعمة
ان توثيق التاريخ مرتبط ارتباطاً وثيقاً مع تحري الحقيقة و الأمانة العلمية ، وعند ذكر الحقائق لابد و أن يكون لها مرجعية صريحة واضحة للعيان لا ظنية تبنيها الأكاذيب و الأوهام ، إن التوثيق لا يمكن له أن يقوم دون مصدر مذكور بل ليس كل مصدر مذكور ممكن البناء عليه لأنه قد يكون أيضاً غير دقيق أو غير صحيح وفق الطرق المعهودة للتحري و البحث و الاستدلال.
طالعت حلقات المسلسل التي ثارت بشأنه المشكلة ، و انتبهت إلى كمية الرسائل المباشرة و الغير مباشرة التي تخللها ذلك العمل في تفاصيله ، ووقفت أفكر بحرقة و ألم عميقين عن الآثار و النتائج الوخيمة التي سوف تترتب على مواصلة بثه ومشاهدته تجاه مختلف الشرائح في المجتمع الكويتي.
نعم نحن كمجتمع لسنا هشين حتى يأتي عمل درامي ويكسر مسلماتنا التاريخية في تقدير رموزنا الوطنية أو وحدتنا الوطنية وثقتنا بين بعضنا البعض ، ولكن مواصلة سرد تفاصيل العمل بهذه الصورة سوف يأخذنا بلا محالة إلى مرحلة أخرى غير محمودة ، إن التعاطي مع الأحداث الواقعية وفق درجة خطورتها يكون على مستويات من التلقي ، فعندما يتوفى أب لطفل تكون طريقة إيصال المعلومة إليه مختلفة عن آخر بالغ ، وكذلك الشخص المسؤول و غيره من غير المسؤولين فما بالكم بأمانة نقل الحدث التاريخي ، البعض يعتقد و يتساهل في بيان قيمة الكتاب التاريخي وأنه من المسموح فيه الاسترسال في ذكر الحقيقة التاريخية.
وهي والله أمانة كبيرة لايمكن الاستهانة بها وانني اتحدث عن تجارب شخصية مرهقة في كيفية صياغة الحدث التاريخي بالطريقة التي لاتجلب ورائها عواقب خطيرة على المجتمع ، بالرغم من أن قراءها هم من فئات خاصة وأصحاب اهتمامات محددة تختلف اختلافاً كلياً عن المسلسلات التلفزيونية التي تتاح لجميع الفئات ، الإساءة إلى الرموز الوطنية التي رحلت عن دنيانا ومخلدة في أذهاننا إحترامها باقٍ لن يتزعزع ووحدتنا الوطنية قوية بإذن الله تعالى لن يزعزها مسلسل إذ يعتبر المساس بمكون اجتماعي مساساً بالمجتمع كله و كذلك الانتقاص من المقيمين ، وبالتالي إيقافه كان أمراً لازماً لاتشوبه شائبة مراعاة وحرصاً على إخماد نار الفتنة .
يمثل أمامنا سؤال متمحور حول عدم وجود توثيق للأحداث التاريخية بشكل محلي أو رسمي وهو أمر من وجهة نظري قدتم وحدث عبر الكتب والصحف وليس لزاماً عمله في مسلسل تلفزيوني أو غيره من وسائل درامية كالأفلام والمسرحيات خصوصاً لأنه ليس بالأمر اللزامي توثيق كل حدث تحت ذريعة إمكان تحريف الحدث التاريخي لأنه سبق وأن وثق عبر صفحات الكتب وبالتالي فإنه تم حفظه ، أما التعويل على أن المسلسلات توثق وتحفظ فهو قول مردود عليه بأنه وسيلة ولكنها ليست مرجعاً كونها مراعية لجوانب فنية كثيرة ومعالجة درامياً بحيث لاينتاب المشاهد الملل وبالتالي فإن تغييراً في الحدث التاريخي يكون ممكناً لنجاح العمل التلفزيوني وهلم جراً، نعم للأعمال أحياناً أهداف توعوية ورسائل بناءة ولكنها ليست جبرية و لا ملحة ، ظهرت أصوات تنادي باعادة عرض مسلسل ممنوع كردة فعل ارتدادية وهو أمر لن نقبل أو نرضى به لقيام ذات الأسباب مع اختلاف التفاصيل .
تحية إعتزاز و تقدير لموقف وزارة الإعلام في متابعة الموضوع و إيقاف عرض هذا المسلسل وحفظ الله الكويت من كل مكروه.
خالد طعمة