لماذا ترغب ابنتي في #استئصال_الرحم في سن الخامسة عشرة؟”
لندن – النخبة:
المصدر – BBC:
عانت إليزابيث من أفكار انتحارية، منذ اليوم الذي جاءها فيه الحيض. لكنها في النهاية تخلصت من ذلك، عقب عملية جراحية لاستئصال الرحم في سن 42 عاما.
إليزابيث وابنتها غريس، التي تبلغ من العمر 15 عاما، تعانيان من نفس الدرجة الحادة من متلازمة ما قبل الحيض.
هنا تشرح المرأة وابنتها لماذا تسعيان للوصول إلى علاج، لإنقاذ غريس من اضطراب هرموني قد يلازمها طيلة حياتها.
في سن الخامسة عشرة قررت غريس ألا تنجب أطفالا أبدا، وهي مستاءة لأن أمها لم تفعل نفس الشيئ.
وتعاني كلاهما من درجة حادة من متلازمة ما قبل الحيض (PMS) ، التي تسبب نوبات من القلق والغضب، والذهان والألم الجسدي المنهك.
وتقول غريس: “لقد أورثتني أمي شيئا، علي أن أتعامل معه خلال الأربعين سنة القادمة“.
إنها ترغب في أن تكون الجيل الثالث في نساء عائلتها، الذي يخضع لجراحة استئصال الرحم، لكن ليس في الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمرها مثل أمها وجدتها، وإنما الآن.
تفاقم قلق غريس منذ بدء الحيض عندها، وغالبا ما تشعر بأنها “حزينة، غاضبة، ومنهكة“.
المدرسة تمثل معاناة. إنها تحاول أن تتعايش مع الأمر وتواصل الدراسة، لكنها لا تستطيع الانتظار.
وتقول غريس: “في المدرسة لا أستطيع التركيز خلال فترة تراكم دم الحيض، وحينما أشعر بالغضب أشعر بأن لا أحد يفهمني. أشعر أنني منعزلة“.
لقد أصبحت تنتظر الحيض أن يبدأ، على الرغم من أنه شيئ تخشاه.
وتضيف: “الأمر يشبه وكأنك تضع إبرة في بالونة. أريد أن انفجر. لكن حينما تبدأ بالفعل أستطيع بالكاد أن أقوم بأي عمل“.
قد يستمر الحيض لدى غريس أغلب الشهر، ويكون كثيفا للغاية، ما يجعلها لا تستطيع إكمال حصة دراسية دون الحاجة إلى تغيير فوطتها الصحية.
والأسوأ من نزف الدم هو الإحساس العميق بالخزي والإذلال، وتقول: “أشعر وكأنني سقطت لأسفل، وتمتلئ عيناي بالدموع، وأشعر بالحرج والصدمة“.
وكان الحل الذي اقترحه طبيب غريس عليها هو أن تتناول أقراص منع الحمل، حينما كان عمرها 13 عاما، لكن حينما واظبت على ذلك مع جرعة عالية من هرمون البروجيستيرون الاصطناعي أصبحت عنيفة فجأة.
وتتذكر إليزابيث ذات مرة حينما كانت العائلة مجتمعة لتناول الغداء، وطُلب من ابنتها غريس أن تنقل مقعدا فغضبت للغاية بلا داع، “وتفاقمت الأمور سريعا وحطمت غريس الحمَّام“.
لم تكن تلك ابنتها التي تعرفها. إنها تصف غريس بأنها لطيفة للغاية وغريبة الأطوار، مثل فتاة من صفحات كاتبة روايات الأطفال الإنجليزية إنيد بليتون.
وكانت أقراص منع الحمل تتسبب في ضخ هرمون بروجيسترون بقوة، بينما تعاني إليزابيث وابنتها غريس من حساسية مفرطة تجاه هذا الهرمون، لكن الطبيب الممارس العام لم ينتبه إلي الآثار الضارة له.
أحيلت غريس إلى طبيب نفسي أعطاها أدوية مضادة للذهان. ومع تفاقم وضع غريس، التقت أمها مع الطبيب النفسي، وتحدثت معه حول إمكانية تلقي ابنتها الرعاية داخل المستشفى.
وتقول إليزابيث: “لم أفعل ذلك لأني لا أحبها أو لا أهتم بها، وإنما حرصا على سلامة الجميع“.
لكنها إليزابيث كانت تشعر دائما بأن مشاكل ابنتها مرتبطة بدورة الحيض، وحينما سمعت عن اضطراب ما قبل الحيض (PMDD)بالمصادفة عبر الراديو، أدركت أن ذلك بالضبط ما تعاني منه ابنتها، كما عانت منه هي أيضا.
ووجدت إليزابيث طبيبا متخصصا، في علاج اضطراب ما قبل الحيض عن طريق الهرمونات البديلة والمسماة (HRT)، والتي تعتبر هرمونات أقرب للطبيعية التي ينتجها الجسم البشري.
ويبدو هذا النهج مفيدا في إقناع غريس، بأنه إذا لم تكتشف أمها هذه الطريقة من العلاج، لكان عليها مغادرة المنزل لتلقي الرعاية داخل مستشفى.
وتعي إليزابيث تماما، ماذا تعني الحياة لابنتها مع اضطراب ما قبل الحيض، لأنها عاشته هي نفسها.
وتعافت إليزابيث من الاضطراب الهرموني فقط عبر استئصال الرحم، حينما كانت في سن 42 عاما، كما جرى أيضا استئصال مبايضها، وتتلقى حاليا علاج عبر الهرمونات البديلة (HRT).
أما والدة إليزابيث وجدة غريس فقد عانت أيضا من هذا الاضظراب الهرموني، وخضعت لجراحة استئصال الرحم، حينما كان عمرها 35 عاما.
وعلى الرغم من أن العلاج بالهرمونات البديلة نجح إلى حد ما، في تهدئة الأعراض التي تعاني منها غريس، إلا أنه لا يعد حلا شاملا.
وتقول إليزابيث: “اعتقد أن غريس ستظل تطلب إجراء جراحة لاستئصال الرحم، حتى يتحقق لها ذلك، سواء كانت في العشرينيات أو الثلاثينيات أو الأربعينيات من العمر“.
وتقول غريس: “لا أرغب في أن يكون لدي أطفال، لأني لا أرغب لهم في أن يعانوا مما أعانيه“.
ولا تلوم إليزابيث ابنتها على شعورها بالغضب إزائها، حيث ترى أنها أنجبتها لتعيش هذه المعاناة.
لكن جراحة استئصال الرحم، التي انتظرتها إليزابيث طويلا، لم تكن بالأمر السهل، والآن تخوض ابنتها نفس المعركة.
الأعضاء الآخرون في عائلة إليزابيث يعارضون بقوة هذه الفكرة، ويقولون إن غريس صغيرة للغاية، بما لا يجب معه خضوعها لجراحة استئصال الرحم، كما أن أفكارها قد تتغير في المستقبل، لكن إليزابيث تدرك تماما شعور غريس، وكيف تكون الحياة مختلفة على الجانب الآخر في ظل علاج فعال.
كما تعلم إليزابيث أن أداء ابنتها في مرحلة الثانوية العامة يتوقف على مدى ارتياحها مع دورة الحيض الشهرية.
تعتقد إليزابيث أن حياتها كانت ستغير، إذا أخذت هرموناتها في الاعتبار في وقت مبكر.
وتقول إنه حينما تسيطر عليك هرموناتك بشكل كبير، فإنه يصبح لها تأثير تعاقبي على حياتك، مثل تأثير لعبة الدومينو، وكذلك على مدى ما يمكنك إنجازه.
وتضيف: “أشعر بالحزن لأن هرموناتي لم تؤخذ في الاعتبار، إلا بعد وقت طويل للغاية، لكن الأشياء وضحت في النهاية“.
وانعكست المعارك الشهرية لإليزابيث على علاقاتها العاطفية، لكنها تزوجت من زوجها الثاني منذ نحو عشر سنوات، وتصفه بأنه “رقيق وداعم لها للغاية. لقد تعلم أن يكون هادئا، حينما تكون هرمونات زوجته مضطربة“.
وفي مساء يوم جمعة قال لها: “أوه. لقد حان وقت تغيير لاصقة العلاج بالهرمونات البديلة يا عزيزتي“.
وتقول: “صرخت فيه قائلة: بالطبع، قبل أن أغير اللاصقة ثم شعرت بهدوء بعد أن غيرتها“.
والآن تركز إليزابيث على إيجاد مخرج من كل هذا لابنتها غريس.
في الوقت الراهن تتمتع غريس بأيام جيدة أكثر من الأيام السيئة، بعد أن اعتادت على العكس.
وتقول غريس: “ربما يكون ذلك أفضل ما أتمناه، إلى أن أخضع لجراحة استئصال الرحم. أتمنى أن يجري لي شخصا ما هذه الجراحة“.
وتضيف: “أرغب فقط في أن أعيش حياة طبيعية“.
تنويه: تم تغيير الأسماء الواردة في التقرير.