جد قبيلة شمر (2-2) … بقلم: خالد طعمة
كانت الأبيات التي نظمها الشاعر أمرؤ القيس خير دليل على إرشادنا للفترة التي عاش بها شمّر، إذ إن أمرؤ عاش خلال وفق ما تم توثيقه في الفترة الواقعة بين عام 497م و حتى 545م، أي أنه أشتهر في القرن السادس الميلادي، و بناءً عليه ذهب أمرؤ القيس باحثاً عن قيس بن شمّر في تلك الفترة، و بالتالي يكون والد قيس معاصراً للقرنين الخامس و السادس الميلادي .
حول وفاته و موقع قبره قال سليمان الدخيل : ” لما مات دفن في توارن بجبل فيه قبر حاتم الطائي المشهور في الكرم ، و إنما دفن هناك لأنه في وقته أتى مآثر كمآثر حاتم الطائي في العرب . ” ، أي أنه مات بعد حاتم الطائي و المعروف أن وفاة حاتم كانت في السنة الثامنة من مولد الرسول – صلى الله عليه وسلم – و عليه تكون وفاة شمر في القرن السادس الميلادي .
من خلال ما سبق، يتّضح لنا أنّ شمّر و أسرته قد عاشوا في مواضع و قرى واقعة في جبل أجأ و هو الجبل الأكبر، و كانت مساكنهم موزعة على قرية توارن و جو و مراعيهم في مسطح و شوط وحية و الآتي بيان تفصيلي حول القرى و المواضع آنفة الذكر :
توارن: و هي قرية تقع وسط وادٍ في غرب جبل أجأ .
جو: هي قرية تقع في جبل أجأ.
الطهاء: هو موضع ذكر في مصادر أخرى الصهاء.
مسطح: هو وادٍ يقع في أعلى وادي ضرافة في جوف جبال أجأ تجتمع فيه السيول، و به نخيل و آبار، وقد ذكره ياقوت الحموي في معجمه، و كان خاصاً للرعي إذ ذكره أمرؤ القيس في بيت آخر:
تظل لبوني بين جو و مسطح تراعي الفراخ الدارجات من الحجل
و في بيت آخر :
ألا إن في الشعبين شعب بمسطح و شعب لنا في بطن بلطة زيمرا
حية: هو وادٍ كبير من أودية جبال أجأ و يطلق أيضاً على جبل من جبال أجأ .
شوط: هو جبل بأجأ ذكره ياقوت في معجمه، و كذلك من شعاب أجأ وفق ما ذكره هارون الهجري .
نأتي الآن للحديث عن ديانة شمّر و هو أمر يؤخذ قياساً على ديانة قبيلته الأم طيء، و من المعروف أن العرب قبل الإسلام قد دانت بالوثنية و عبادة الأصنام، بالإضافة إلى بعض الأديان السماوية مثل النصرانية و اليهودية، و طيء شأنها من شأن سائر العرب من حيث نمط الحياة و العبادة، و خير دليل على اتخاذها من عبادة الأصنام ديانة ما ذكره لنا ابن دريد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد بعث علي بن أبي طالب مع مئة وخمسين من الأنصار كي يهدموا صنم طيء المعروف باسم ” الفلس”، و قد تناقلت المصادر المختلفة أسماء أخرى لأصنام كانت تعبدها قبيلة طيء مثل: باجر ، عائم ، يغوث ، جذيمة، و رضى أو تكتب رضا في مصادر أخرى، وحول هذا الأخير قامت القبيلة باتخاذه اسماً يعبد فتسموا كثيراً باسم ” عبد رضا ” و منهم : عبد رضا بن حصن ، عبدرضا بن عمرو ، عبدرضا بن ود ، عبدرضا بن مالك، و عبدرضا بن جذيمة بن حبيب بن شمّر بن عبدجذيمة الذي سوف نتوسط في الحديث عنه لكونه من ذرية شمّر ، و كذلك جذيمة والد شمّر .
و لم تكن عبادة الأصنام هي الديانة الوحيدة المنتشرة بينهم، عرفت أيضاً عبادة بعضهم للكواكب والنجوم و ذكر ذلك الجزيري: ” طيء تعبد سهيل ” و المعروف أنّ سهيل كوكب، و كذلك عبدت نجم الثريا كذلك عرف عن طيء اتباع النصرانية ، و دخل بعض أفراد طيء الإسلام في عام الوفود
خالد طعمة