السفير السوداني : نهج الكويت المتوازن وسياستها الحصيفة يصبان في اتجاه استقرار الإقليم وتعزيز الثقة مع دول الجوار
أكد السفير السوداني لدى البلاد عوض الكريم الريح بلة عمق وقوة ومتانة العلاقات السودانية – الكويتية والتي وصفها بالتاريخية والمتطورة على جميع الأصعدة ومختلف مجالات التعاون، لافتا إلى وجود 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم تسير العلاقات الثنائية بين البلدين وتشكل الإطار القانوني لها. وأشار بلة ـ في أول لقاء صحافي مع صحيفة محلية ـ إلى أن إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين مازال دون الطموح مقارنة بالإمكانات الهائلة المتوافرة في البلدين، لافتا إلى أن الكويت من الدول الرائدة في الاستثمار بالسودان ولديها استثمارات ضخمة في قطاعات الصناعة والاتصالات والفندقة والبناء والتشييد، موضحا أن الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية أبدى مرونة لمنح السودان أفضل المساعدات الممكنة والوصول إلى صيغة لإنهاء مسألة سداد المتأخرات. وشدد على أن نهج الكويت المتوازن وسياستها الحصيفة تصب في اتجاه استقرار الإقليم وتعزيز الثقة مع دول الجوار، لافتا إلى أن أزمات الشرق الأوسط تحتاج إلى وقفة ومساندة مشابهة لما قدمه العالم لتركيا وسورية خلال الزلزال الأخير، فإلى التفاصيل:
كيف تصف العلاقات الكويتية – السودانية ماضيها وحاضرها وآفاقها المستقبلية؟
٭ العلاقات السودانية ـ الكويتية علاقات تاريخية في مجملها تتسم بالقوة والمتانة لأنها بنيت على أسس صلبة من الثقة والاحترام المتبادل، ونتطلع إلى توطيدها وتعزيزها بإرادة من القيادة السياسية في البلدين، لاستشراف آفاق جديدة للتعاون الثنائي المستقبلي يعود بالنفع على البلدين والشعبين وخصوصا في ظل الإمكانات الهائلة التي يتمتع بها البلدان، إلا أن أبرز ما يميز هذه العلاقات هو تطورها الملحوظ على جميع الأصعدة ومختلف مجالات التعاون الثنائي.
ما أبرز مجالات التعاون الثنائي بين البلدين؟
٭ تربط البلدين علاقات أزلية، فمنذ استقلال الكويت في العام 1961م أوفدت جمهورية السودان خيرة أبنائها للمساهمة في نهضتها والدفع بعجلة التنمية بها، كما أن الكويت كانت وما زالت تدعم السودان في كل النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فقد كانت من أوائل الدول التي قدمت يد العون في السيول والفيضانات التي ألمت بالبلاد في الأعوام القلائل السابقة، كما دعمت الكويت السودان في إرساء قواعد المرحلة الانتقالية.
ويعتبر الملف الاقتصادي من أبرز مجالات التعاون بين البلدين، وقد دعمت الكويت تمويل عدد من المشاريع الإنمائية الإستراتيجية في القطاعات الحيوية ذات الصلة بتوفير الغذاء للبلدين وتمويل شراء بعض احتياجات السودان من السلع الإستراتيجية وشرعت في الدخول في شراكات إنتاجية طويلة المدى سواء على مستوى القطاع الخاص أو القطاع العام في البلدين.
وتعتبر الكويت أيضا من أكبر المستثمرين بالسودان ولديها شركات ضخمة عاد نفعها على البلدين، حيث ساهمت أيضا عن طريق المنح والقروض التي قدمتها للسودان لتطوير بنيته التحتية من خلال بناء الطرق والسدود وأصبحت بذلك أكبر دائن للسودان.
التبادل التجاري
كم يبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين؟
٭ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين دون الطموح، ولكن الإرادة متوافرة لزيادة التعاون التجاري وتبادل السلع، حيث كان السودان وجهة الكويت أثناء جائحة كورونا فقد تم استيراد المنتجات الزراعية التي لاقت استحسان السوق الكويتي، أما اللحوم السودانية فيتم استيرادها بكميات كبيرة لجودتها العالية، لذلك نعمل الآن على زيادة التعاون التجاري.
ماذا عن حجم الاستثمارات الكويتية في السودان وفي أي قطاعات؟
٭ الكويت من الدول الرائدة في الاستثمار في السودان، ولديها استثمارات ضخمة في قطاعات الصناعة والاتصالات والفندقة والبناء والتشييد حيث تمتلك أو تشارك بنسب مقدرة في مشروعات كبيرة مثل مصنع سكر كنانة وشركة زين للاتصالات وشركة الفنادق السودانية الكويتية والشركة السودانية الكويتية للبناء والتشييد.
إجراءات منح التأشيرة
كم عدد التأشيرات التي يصدرها القسم القنصلي سنويا؟
٭ حملة الجوازات الكويتية يدخلون إلى السودان من دون تأشيرة دخول وذلك بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، أما فيما يخص المقيمين على أرض الكويت فإجراءات منح التأشيرة سلسة وميسرة وتتم وفق الضوابط والاتفاقات الموقعة مع دولهم.
كم يبلغ عدد الاتفاقيات الثنائية ومذكرات التفاهم التي تسير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين؟
٭ لدينا 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم تسير العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وتغطي مختلف مجالات التعاون الثنائي وتشكل الإطار القانوني لها. ويشكل القطاع الاقتصادي أكثر من 70% من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين، ونأمل أن تترجم كلها إلى برامج تنفيذية خلال الفترة القادمة.
كم يبلغ العدد الإجمالي للجالية السودانية بالكويت؟
لم يتم عمل إحصائية في السنوات القلائل الماضية ولكنها تزيد عن عشرين ألف مقيم من العمالة المؤهلة والمدربة والتي تلقى استحسان أرباب العمل في الكويت لما يتميزون به من أمانة وجدية في العمل.
ما أبرز جهود السفارة في دعم وتعزيز التبادل الثقافي؟
٭ تولي السفارة التبادل الثقافي أهمية كبيرة كجسر من جسور التواصل الذي يعزز من التفاهم ويوفر أرضية مشتركة للبناء والفهم المشترك ولذلك تقوم البعثة بمشاركة الكويت احتفالاتها وانشطتها الثقافية لاسيما أعيادها الوطنية.
كما قامت البعثة بالترتيب لدورة رياضية انطلقت فعالياتها في منتصف يناير الماضي واستمرت لمدة شهر. كرمت البعثة في ختامها رموزا من المجتمع الكويتي، وأعلنت كذلك عن قيام دوري للجاليات على غرار تلك التي أقامتها وزارة الخارجية الكويتية في العام 2013م.
وتشارك أيضا في الاحتفالات التي تقيمها عمادة السلك الديبلوماسي سنويا بمناسبة الأعياد الوطنية وعيد التحرير عن طريق اقامة معرض يعكس الثقافة والأثر السوداني. كما تشارك الجالية السودانية في الاحتفالات التي تقيمها الكويت في جميع المناحي. كذلك لدى البعثة جهود لترسيخ التعاون مع المجلس الوطني الآداب والفنون عبر عدد من المشروعات المشتركة.
توجد كذلك اتفاقيات بين البلدين في الجوانب الرياضية كتلك التي تم توقيعها بين نادي الهلال السوداني ونادي الكويت ويوجد ناد للكشافة السودانية بالكويت.
التعاون مع الصندوق الكويتي
ما آخر مستجدات التعاون مع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وإجمالي المشروعات التي ينفذها في السودان؟
٭ أبدى الصندوق استعداده لمنح السودان أفضل المساعدات الممكنة والوصول إلى صيغة لإنهاء مسألة سداد متأخرات السودان ليتمكن الصندوق من استئناف نشاطه مع السودان واستكمال السحب على القروض السابقة التي سجلت باسم السودان ولم يستفد منها. كتلك التي قدمها من خلال مؤتمر برلين أثناء جائحة كورونا ولكن تم إعادة توجيهها إلى دولة أخرى لتأخر السودان في الاستفادة منها.
أيضا تم طرح بعض المشروعات الإستراتيجية على الصندوق وهي الآن قيد الدراسة.
كما تم طرح مشروع مهم للهيئة العامة للاستثمار وهي الآن تعكف على دراسته.
الديبلوماسية الكويتية
كيف تصفون الديبلوماسية الكويتية؟ وما هو تقييمكم للدور الذي تلعبه الكويت في حل النزاعات وإحلال السلام؟
٭ الكويت رائدة في حل النزاعات وإحلال السلام حيث تقوم بجهود جبارة في هذا الصدد وقد تابعنا باهتمام المبادرات والوساطات التي قامت بها في حل المشكلات العربية ـ العربية والمشكلات الإقليمية كالمبادرة التي قادتها وطرحتها في قمة العلا بالرياض لحل الأزمة الخليجية التي طال أمدها، حيث ظلت الكويت تقدم أنموذجا من خلال مشاركاتها الفاعلة في القمم التي تستضيفها الدول.
الاستقرار الإقليمي
ما أبرز عوامل الاستقرار الإقليمي وتعزيز الثقة بين دول الجوار؟
٭ مشاركة الكويت الفاعلة في المؤتمرات التي تقيمها دول الإقليم بوفود رفيعة المستوى لحل مشاكل دول الجوار الداخلية وكذلك الربط الكهربائي الذي تم مع جمهورية العراق دليل على أن الكويت تنتهج نهجا يصب في اتجاه استقرار الإقليم وتعزيز الثقة مع دول الجوار وتجاوز مرارات الماضي حيث تلعب الكويت دورا مهما جدا في استقرار الإقليم، وتقود مبادرات كان لها النصيب الأكبر في حل المشكلات التي تواجه دول الجوار.
كيف ترى المشهد المعقد والملتبس في منطقة الشرق الأوسط؟ وما السبيل للخروج منه؟
٭ طبيعة الشرق الأوسط الجيوسياسية جعلته يتبوأ موقعا مهما بالنسبة للعالم من الناحية الاقتصادية في المقام الأول وكذلك السياسية فالأزمة تحتاج إلى وقفة مشابهة لما قدمه العالم من عون ومساندة عندما أصاب الزلزال الجمهورية العربية السورية وكذلك الجمهورية التركية.
ما مستجدات الأوضاع في السودان؟
٭ بعد التوقيع على الاتفاق الإطاري تنعقد الجهود في الوقت الراهن لتشكيل الحكومة الانتقالية ومن ثم يبدأ العد التنازلي نحو الانتخابات التي تم الاتفاق على إجرائها بعد عامين من تكليف الحكومة.
حدثنا عن ابرز المشروعات العربية – السودانية المشتركة في قطاع الأمن الغذائي؟
٭ السودان من الممكن أن يكون سلة غذاء العالم العربي بما يملك من إمكانيات، وطرحت منذ سنوات مبادرة تحقيق الأمن الغذائي العربي والتي قامت على الاستفادة من إمكانيات السودان وثرواته الطبيعية من أرض ومياه وتنوع مناخي، ولكن الأحداث والمتغيرات على الساحتين الدولية والإقليمية حالت دون المضي قدما في إنزال هذه المبادرة إلى حيز الواقع، مما دفع القادة العرب إلى إعادة طرحها بقوة خلال قمة الجزائر الأخيرة. ونأمل أن يكون طرح المبادرة هذه المرة فاتحة خير في طريق إنفاذها لتصبح واقعا معاشا يستفيد منه المواطن العربي من المحيط إلى الخليج.
استقرار السودان
كيف تقيم جهود المجتمع الدولي لدعم استقرار السودان؟
٭ ربما كان لقرار رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات الدور الأساسي في إعادة دمج السودان في إطار المجتمع الدولي، ولربما كان نادي باريس مثالا لاستعداد المجتمع الدولي لتقديم المساندة والدعم ليعبر السودان إلى بر الأمان.
مع من تقفون في أزمة سد النهضة؟
٭ شهدت الخرطوم توقيع إعلان المبادئ حول سد النهضة، وقد لعبت الديبلوماسية السودانية دورا محوريا في التوصل إليه باعتباره اتفاقا يراعي مصالح الدول الثلاث ويتجنب الإضرار بأي منها. وتقوم سياسة السودان حيال سد النهضة على ما ذكرت من مرتكزات تضمنها إعلان المبادئ بين الدول الثلاث. هذا ولا تركز مساعي السودان هنا على قاعدة أنه وسيط، بل هو طرف أصيل له مصلحة في استقرار الأمور وفقا لما تضمنه إعلان المبادئ.
إمكانات سياحية هائلة
أكد السفير السوداني أن بلاده تتمتع بإمكانات سياحية هائلة وإرث حضاري كبير ومتنوع، حيث كان السودان موطن عدد من الحضارات القديمة مثل الحضارة النوبية وحضارة كرمة شمال السودان.
وزاد: إن السودان وجهة مميزة للباحثين عن جمال الطبيعة، ولعل حظيرة الدندر التي تعد من أغنى الحدائق الطبيعية بالحياة البرية خير مثال على ذلك، فهي مقصد كل السائحين من عشاق المناظر الطبيعية وهواة الصيد، مضيفا أن «السياحة» في السودان قطاع واعد يمكنه أن يكون من أبرز موارد الدخل.
200 مليون فدان
لفت السفير السوداني لدى البلاد عوض الكريم الريح بلة، خلال اللقاء، إلى أن بلاده غنية بالموارد الطبيعية الكبيرة والثروات المعدنية المتنوعة، مشيرا إلى أن السودان يمتلك أكثر من 200 مليون فدان من الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، فضلا عن المياه العذبة الوفيرة، إضافة إلى امتلاكه ثروة حيوانية كبيرة تقدر بأكثر من 107 ملايين رأس من الأغنام والأبقار والجمال، مما يجعل السودان مقصد كل باحث عن الاستثمار في المجال الزراعي والأمن الغذائي.
«ليلة الوفاء للكويت» على مسرح عبدالحسين عبدالرضا الليلة
أسامة دياب
تنظم سفارة السودان لدى البلاد حفلا غنائيا يحييه الفنان الكبير عاصم البنا بعنوان «ليلة الوفاء للكويت»، وذلك مساء اليوم الخميس، على مسرح عبد الحسين عبد الرضا السالمية.
هذا، وأكد السفير السوداني لدى البلاد عوض الكريم الريح أهمية التبادل الثقافي كجسر من جسور التواصل ووسيلة فاعلة لتقوية العلاقات الثنائية، موجها الدعوة إلى المواطنين والمقيمين لمتابعة الحفل الغنائي، فهي ليلة وفاء للكويت بأنغام سودانية.