عاد ومعين وسبأ والنبط ،،، بقلم: خالد طعمة.
سوف يكون اليوم حديثنا منصباً حول عاد ومعين وسبأ و النبط ، و يقول لنا حول عاد محمد الأنصاري أن ” البحرين جزء من مملكة عاد الذين ملكوا جزيرة العرب وامتد ملكهم إلى الشام ومصر .. وهم أبناء عاد بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام .. وكانت مساكنهم وكرسي مملكتهم بالأحقاف بين عمان وحضر موت ” ، عبدالله الشباط يرى بأن ما ورد في معجم البلدان عن ركية لقمان بأنه بثاج القريب من البحرين وأنه ” بعث الله إليهم أخاهم هود بن عبدالله بن رباح بن الخلود بن عاد .. فدعاهم إلى عبادة الله وحده (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) .. فآمن به بعض من قومه وكفر به آخرون .. فاعتزل هود ومن معه ومنهم لقمان بن عاد ومن تبعه من قومه .. فأهلك الله الكافرين كما ورد في القرآن الكريم وهم عاد الأولى الذين ورد ذكرهم في القرآن مفصلاً ما أنعم الله عليهم من الخيرات .. فلما هلكوا ورث الملك لقمان بن عاد المشار إليه كان يطلق على الأحساء في ذلك العهد (مجان) .. وكانت توصف بكثرة الخيرات ووفرة النعم إلى حد أن الوفرة في الأشياء تجعلها بدون قيمة مادية فتوصف ما يرد من مجان فيقال هذا مجاني أي بدون قيمة.” ونذكر أن الشباط يعتبر الإحساء هي البحرين ويعتبرهما متماثلين وهو يكتب البحرين الإحساء ، وتشير المصادر التاريخية أيضاً إلى أن دولة معين والتي تمركز ملكها في منطقة الجوف بين نجران وحضر موت حتى بقيق في البحرين حيث يقول الشاعر :
ونحمي الجوف ما دامت معين بأسفله مقابة عراد
وقد بين محمد الأنصاري أن بقيق هي المقابلة لعراد إحدى مدن البحرين المعاصرة .
يروي لنا عبدالله الشباط أن البحرين استولى عليها ماران بن عوف بن حمير في فترة مملكة سبأ ، ويقول : ” كان يعرب بن قحطان من أعظم ملوك العرب .. فقد ملك اليمن وغلب على الحجاز فولى إخوته أعماله حضر موت بن قحطان على بلاد الشحر وجرهم بن قحطان على الحجاز وعمان بن قحطان على عمان فلما مات تولى بعده ابنه يشجب الذي أورث الملك لابنه عبد شمس الذي تسمى فيما بعد (سبأ) باني مدينة مأرب ، فلما مات تولى بعده ابنه ( حمير بن سبأ) وكان له ستة أولاد فلما مات حمير تفرق أبناؤه واستقل كل واحد منهم بناحية فاستولى (ماران بن عوف بن حمير) على البحرين (الأحساء) وتسمى بدى رياش فغزاه النعمان بن يعفر وأسره وضم هذه البلاد إلى مملكته .. ويقال إنه هو الذي أسس مدينة هجر واتخذها عاصمة لملكه حيث بدأت هجرة الكلدانيين لأن أول من سكنها قوم من الجرامقة من بقايا الفرس المقيمين بالعراق الذين يطلق عليهم أحياناً (النبط) وفي الكامل أنهم من قضاعة وأن ملكهم (الضيزن) ملك الحضر و الجزيرة بين دجلة و الفرات الذي قتله سابور بن اردشير واحتل بلاده.”
ولابد لنا هنا أن نتوقف عند كلام الشباط حول النبط حيث يقسم د/جواد علي النبط إلى نبطين ، الأولى من سكان بابل ، والثانية : من العرب ويقول : ” النبط الذين قصدهم الأخباريون إذن ، هم قبط آخر لا نريدهم نحن في هذا الفصل ولانقصدهم ، هم يقصدون بقايا الشعوب القديمة خاصة النازلين في البطائح منهم ، ومنهم مترسبات الإرميين في العراق والشأم ، وذلك قبيل الإسلام وفي الإسلام ، وكانوا يتكلمون بلهجات عربية ولكن برطانة أعجمية وبلكنة غريبة ظاهرة : أما نبطنا ، فهم أصحاب كتابات مدونة بالإرمية ، وقد عاشوا في (العربية الحجرية) وفي مناطق أخرى خضعت لسلطانهم لم تكن البطائح منها على كل حال ، كما عاش فرع آخر منهم في (تدمر) وعندي أن النبط عرب ، بل هم أقرب إلى قريش وإلى القبائل الحجازية التي أدركت الإسلام من العرب الذين يعرفون بـ(العرب الجنوبيين ) . والنبط يشاركون قريشاً في أكثر أسماء الأشخاص ، كما يشاركونهم في عبادة أكثر الأصنام ، وخط النبط قريب جداً من خط كتبة الوحي ، وقد قلت إن من العلماء من يرى أن قلمنا هذا مأخوذ من قلم النبط . يضاف إلى ذلك ما ذكرته من وجود كلمات عربية كثيرة في النصوص النبطية المدونة بالإرمية ، هي عربية خالصة من نوع عربية القرآن الكريم لهذه السباب أرى أن النبط أقرب إلى قريش وإلى العدنانيين على حد تعبير النسابين من العرب الجنوبيين الذي تبتعد أسماؤهم وأسماء أصنامهم بعداً كبيراً عن أسماء الأشخاص والأصنام عند قريش وبقية العدنانيين . أضف إلى هذا ما ورد في التوراة . وماعند أهل الأخبار من أن (نبايوت) وهو (نابت) أهل الأخبار ، هو الابن الأكبر لاسماعيل ، واسماعيل في عرف النسابين هو جد العرب العدنانيين ” وكلام د/جواد علي يتواءم ويتفق مع ماجاء في الخبر المرفوع عن ابن عباس : ” نحن معاشر قريش من النبط من أهل كوثى ربا وقيل : أن إبراهيم الخليل ولد بها ، وكان النبط سكانها ” ، ويقول جرجي زيدان حول النبط : ” إن النبطيين فرقة من عمالقة العراق بدو اللآراميين الذين هجروا ضفاف الفرات بعد ذهاب دولة حمورابي من العراق وتفرقوا قبائل وبطوناً في جزيرة العرب ” ، جاء في الأخبار الطوال : ” لما توفى نابت بن اسماعيل عليه السلام غلبت جرهم على البيت والحرم ، فخرج قيذر بن إسماعيل بأهله وماله يتبع مواقع القطر فيما بين كاظمة وغمر ذي كنده ” .
نشأت دولة النبط في القسم الشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية ، يرى المسعودي أن النبط يعودون إلى إرم بن سام بن نوح – عليه السلام- حين قال : ” هنالك من يزعم أن النبط هم نبيط بن ماش بن إرم بن سام بن نوح ” ، إلا أن ذلك لايتفق مع التوراة والتي ذكر فيها أن نبايوت هو الابن البكر لسيدنا إسماعيل – عليه السلام – ، ونلاحظ أن نبيط ونبايوت يتفقان في المعنى ويختلفان في بعض الحروف ، فالمعنى من النبط هو استنباط الأرض ومن النبت هو استنبات الأرض ففي اللسان ذكر : ” النبط بالماء الذي ينبط من قعر البئر إذا حفرت فقالوا : النبط من نبط ، فالمسألة اذن سهلة هينة انهم سموا نبطاً لاستنباطهم ما يخرج من الأرضين وهو الماء .”
و إذا تأملنا في مقولة ابن عباس أن قريش من النبط من أهل كوثى ، و في المراجع ، أن النبط كانوا في أول الأمر في العراق ومن ثم انتقلوا إلى شبه الجزيرة العربية .
خالد طعمة