علم الأنساب عند القبائل العربية و الإسلام ،،، بقلم: خالد طعمة.
يشكل النسب أهميةً بالغة عند العرب، إذ حافظوا عليه ودافعوا عنه لكون الرابطة النسبية قد حفظت للفرد حقوقه داخل القبيلة و خارجها في الزمن القديم قبل قيام و تشكل الدول التي نعرفها في أيامنا اليوم.
و القبيلة تجمع أبناء الأب الواحد، وهذا ما سار عليه العرب من حيث التسمي باسم الأب الوالد للقبيلة مثل قبيلة (س)، و الأب يكون أباً لعدة بطون، و الأبناء يحدث بعضهم قبيلة أو عدة قبائل، و بالتالي ينسب إليه من هو منهم، في حين يبقى بعض الأبناء دون أعقاب أو يكون لهم عقب و لكن لم يشتهر بالعقب ، فنسب إلى القبيلة الأولى الأساسية، و يحدث أن يشمل النسب على طبقتين أو ربما أكثر على سبيل المثال ك (س) و (ش)، و بالتالي يجوز أن ينتسب إلى جميع من ذكروا فيقال له الس و الش و ، و من الأمور التي عرفت عند العرب دخول الحليف إلى القبيلة و هو ليس منها فينسب نفسه إليها.
ديننا الإسلامي نظم الأنساب و ضبط قواعدها، روى البخاري و مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ، إِلا كَفَرَ، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ نَسَبٌ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ، جاء في كتاب عمدة القاري أن العيني قال : ” قَوْله: (وَمن ادّعى قوما) أَي: وَمن انتسب إِلَى قوم. قَوْله: (لَيْسَ لَهُ فيهم نسب)، أَي: لَيْسَ لهَذَا الْمُدَّعِي فِي هَذَا الْقَوْم نسب، أَي: قرَابَة”، و في حال إذا انضم الإنسان إلى قبيلة بالحلف أو الولاء ، جاز أن ينتسب إليها، وجاز أن ينتسب إلى قبيلته، وأن يجمع بينهما؛ لأن حليف القوم منهم، كما روى الطبراني في الكبير عن عَمْرِو بْنِ عَوْفِ الْمُزَنِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَاعِدًا مَعَهُمْ فَدَخَلَ بَيْتَهُ وَقَالَ: ادْخُلُوا عَلَيَّ وَلَا يَدْخُلَنَّ عَلَيَّ إِلَّا قُرَشِيٌّ ، فَتَسَلَّلْتُ فَدَخَلْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، هَلْ بَيْنَكُمْ أَحَدٌ لَيْسَ مِنْكُمْ؟ قَالُوا: نُخْبِرُكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، بِآبَائِنَا أَنْتَ وَأُمَّهَاتِنَا ، مَعَنَا ابْنُ الْأُخْتِ وَالْمَوْلَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَلِيفُ الْقَوْمِ مِنْهُمْ، وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ، وَابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ” ، جاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” و من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا” والمقصود بالموالي في هذا الحديث عند أهل العلم من أنعم بالعتق على رقيقه، فحذر الحديث هذا العبد المعتق من أن يتبرأ منه ويتولى غيره، وفي حديث رواه الطبراني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولاء لمن أعتق متفق عليه و في رواية أخرى : الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع و لا يوهب. ” ، وجاء في شرح الترمذي للمباركفوري: ” ومن ادعى ( أي انتسب أو تولى غير مواليه ) بأن يقول عتيق لغير معتقه أنت مولاي ولك ولائي ؛ فالمراد بالولاء هنا ولاء العتق لعطفه على قوله من ادعى إلى غير أبيه والجمع بينهما بالوعيد فإن العتق من حيث إنه لحمة كلحمة النسب فإذا نسب إلى غير من هو له كان كالدعي الذي تبرأ عمن هو منه وألحق نفسه بغيره فيستحق به الدعاء عليه بالطرد والإبعاد عن الرحمة وهذا صريح في غلظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه أو انتماء العتيق إلى غير مواليه لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الإرث والولاء والعقل وغير ذلك مع ما فيه من قطيعة الرحم والعقوق”، هكذا يتبيّن لنا أن الإسلام رتب و نظم لنا الأسس و القواعد بأن يكون الانتماء بالنسب و الحلف و الولاء، و هذا ما سارت عليه القبائل العربية .
خالد طعمة