5 أسباب رئيسية وراء تكرار غياب الطلبة قبل العطلات الرسمية وبعدها
أعاد عدد من التربويين أسباب الغياب الجماعي للطلبة قبل وبعد العطلات الرسمية إلى عدة أمور، أبرزها جهل ولي الأمر بالعقوبات التي تتضمنها لائحة الغياب، وكذلك قلة وعي الطالب نفسه باللائحة، ومدى تأثر مستوى تحصيله بالغياب، إضافة إلى الترف الزائد لدى عدد من المتعلمين وضمانهم مساعدة أهلهم لهم في تعويض ما يفوتهم من دروس، وبموازاة تشجيع بعض المعلمين والمعلمات للطلبة على الغياب، بجانب سهولة الحصول على مرضيات من قبل وزارة الصحة. وشدد هؤلاء التربويون، في تفاعلهم مع هذه القضية التي طرحتها «الأنباء» للوقوف على أسبابها وبحث السبل الناجعة لعلاجها، على أن الانضباط المدرسي يعد الحجر الأساسي في بناء شخصية المتعلمين المستقبلية، كما أنه من أهم الأساسيات التي تقوم عليها العملية التعليمية. وأكد التربويون أهمية ضمان سير العملية التعليمية على نحو أكثر انضباطا، من خلال الثواب والتحفيز، والاهتمام بالأنشطة والهوايات المختلفة، مع تشديد وزارة التربية على تطبيق لائحة الانضباط المدرسي وتفعيل الغياب الإلكتروني بشكل مستمر، وضرورة زيادة الوعي بأهمية المدرسة والتعليم. وطالب التربويون بأن تضع وزارة التربية يدها بيد المختصين والجهات المعنية وأهل الميدان لوضع قواعد ومقترحات تسهم في تفادي تكرار هذه المشكلة، مؤكدين ضرورة السرعة في وضع العلاج الناجع لضمان حصول أبنائنا على القدر الكافي من التأهيل سواء من الناحية العلمية أو البدنية أو النفسية ليكونوا قادرين على حمل لواء التطوير لبلدنا الحبيب، فإلى التفاصيل:
في البداية، أكد عضو مجلس إدارة جمعية المعلمين الكويتية ومدير مدرسة عبدالله العتيبي الثانوية في منطقة العاصمة التعليمية ماجد العنزي أن سبب الغياب الجماعي للطلبة هو جهل ولي الأمر بعقوبة لائحة الغياب وكذلك قلة وعي الطالب باللائحة مما يسبب خصم الدرجات وفي كل مادة دراسية، حيث يخصم 1% من كل مادة دراسية مقابل كل 10 أيام غياب وكذلك 2% من كل مادة دراسية مقابل 15 يوما غياب، إضافة إلى خصم درجات الأعمال فيما يخص الحضور والمشاركة، مشيرا إلى أن كثرة غياب الطالب يؤثر على نسبته في المحصلة النهائية وكذلك انخفاض المستوى التحصيلي بسبب ما فاته من الدروس وهذا أيضا يسبب خللا في متابعة وإنهاء المنهج الدراسي مما يؤثر سلبا على العملية التعليمية.
وبين العنزي أن هناك عدة حلول للحد من هذه الظاهرة منها توعية الطالب وولي الأمر بعقوبات لائحة الغياب وإعلان الطالب وولي أمره بإنذارات الغياب وتوقيع تعهدات لكل إنذار وتطبيق لائحة الغياب بشكل واضح، مشددا على ضرورة الحث والتشجيع على حضور الطلبة وتفعيل الأنشطة المصاحبة للعملية التعليمية وعدم الإيحاء للطلبة بالغياب بأي شكل من الأشكال.
الانضباط المدرسي
من جانبها، قالت الاستشارية النفسية والتربوية د.زينب الصفار إن الانضباط المدرسي بشكل عام هو التزام المتعلمين بنظام وقواعد المدرسة من خلال التزامهم بمواعيد الانصراف والحضور، وهو سبب رئيسي في الوصول إلى تفوق المتعلمين وتأصيل سمات الالتزام واحترام المواعيد، لذلك يعد الانضباط المدرسي الحجر الأساسي في بناء شخصية المتعلمين المستقبلية، ومن الأساسيات التي تقوم عليها العملية التعليمية، مشيرة إلى أن ذلك يساعد على تقوية القدرات العقلية لدى المتعلمين، حيث يعمل على تعزيز الذكاء والانتباه والاستفادة من معلميه وفهم جميع المواد الدراسية.
وبينت د.الصفار أن كثرة غياب الطلبة من المدارس أصبحت من الظواهر الواضحة في مجتمعنا الكويتي بشكل عام وخاصة قبل وبعد العطل الرسمية، والسبب في ذلك من وجهة نظري هو أن القرارات الصادرة ضد هذه الظاهرة لم تكن جدية في تطبيقها، مشيرة إلى أننا نلاحظ أيضا في الفترة الأخيرة ان هناك تهديدات بشأن كثرة الغياب في يوم الخميس من كل أسبوع، وقد كان من الأجدى التفكير بحلول بديلة أفضل من التهديد والوعيد الذي يأتي بنتائج عكسية لظاهرة الغياب، ومن الأسباب كذلك التهاون في التسجيل الإلكتروني للغياب بشكل دوري لجميع المراحل التعليمية وبجميع أيام الدوام الرسمي، وتشجيع بعض المعلمين وأولياء الأمور على الغياب، وسهولة الحصول على مرضيات من قبل وزارة الصحة.
وأضافت أن لكثرة الغياب تأثيرا مباشرا على التحصيل العلمي للمتعلمين، حيث يتسبب الغياب في عدم حصول المتعلم على الشرح الكامل للدروس المدرسية، ناهيك عن زيادة الاعتماد على الدروس الخصوصية، وزيادة نسبة فشل المتعلمين في الاختبارات، مما يؤدي إلى زيادة مشكلة الفاقد التعليمي الذي كنا وما زلنا نعاني منها.
بيئة صحية
وذكرت د.الصفار أنه لمعالجة هذه الظاهرة يجب من وزارة التربية والتعليم خلال الفترة الحالية توفير بيئة صحية مثالية للمتعلمين، والاهتمام بالأنشطة المدرسية مثل النشاطات الاجتماعية وممارسة أنشطة فنية وثقافية تغرس القيم، مع اتباع أسلوب دراسي مبدع والابتعاد عن الأسلوب التعليمي التقليدي والمعتمد على التلقين، والحرص على تطوير مهارات بعض المعلمين وكيفية تعاملهم مع المتعلمين، وإشباع جميع احتياجات المتعلمين بالمدارس، كما يجب على وزارة التربية وضع خطة للقيام بتطوير شامل لمنظومة التعليم، وعودة المدرسة للقيام بدورها في تربية وتعليم المتعلمين بشكل أمثل وضمان سير العملية التعليمية على نحو أكثر انضباطا، من خلال الثواب والتحفيز، والاهتمام بالأنشطة والهوايات المختلفة، مع تشديد وزارة التربية والتعليم على تطبيق لائحة الانضباط المدرسي، ووضع قوانين ثابتة لحل مشاكل المتغيبين وتوضيح كل القواعد والنظم، وعقد جلسات توعية لأولياء الأمور ليتم من خلالها توضيح أضرار الغياب على المستقبل الدراسي لأبنائهم.
تكاتف الجميع
من جهته، أوضح الموجه الفني الأول للاجتماعيات بالإنابة بمنطقة الفروانية التعليمية مساعد الغريب انه بالنسبة لظاهرة غياب الطلاب قبل وبعد العطل الرسمية فنحن كتوجيه الاجتماعيات تم وضع خطة توزيع المنهج بشكل مرن مع مراعاة فترة الأعياد الوطنية فيها، لكن ظاهرة غياب يوم الخميس وقبل العطل وبعدها سوف تؤثر بالطبع على خطة المنهج مما ينعكس سلبا على العملية التعليمية ككل، لافتا إلى أن حل هذه الظاهرة ينبغي أن يكون بتكاتف جميع أطراف العملية التعليمية (الطالب ـ المدرسة ـ ولي الأمر)، حيث تتم محاسبة الطالب المتغيب ومكافأة الطالب الملتزم، والعمل على تشجيع الطلاب على الحضور من خلال إقامة فعاليات وأنشطة تربوية وترفيهية ورياضية في هذه الأيام.
وأضاف الغريب أنه في الوقت نفسه يجب محاسبة كل من يشجع على هذه الظاهرة سواء كان في الإدارة المدرسية أو من المعلمين، سواء بالتحريض صريحا أو ضمنيا، ولابد من التأكد أن كل مدرسة قامت بإدخال غياب الطلاب أولا بأول، وينبغي تحويل المدرسة لبيئة جاذبة للطلاب.
وأشار إلى انه لابد أن يكون ولي الأمر شريكا في الحل، ولا يمكن حل هذه الظاهرة دون تعاون ولي الأمر وعدم مساعدة ابنه في الغياب وتشجيعه على طلب العلم، مؤكدا أهمية تعاون وزارة الصحة من خلال التشديد على منح المرضيات في هذه الأيام إلا بالحد الأدنى.
قفص الاتهام
من جانبه، أكد المدير المساعد بثانوية عبدالله العتيبي للبنين مطرب العراك أن مشكلة الغياب مصدرها الطلبة، فهم يتفقون دائما على أنهم يقومون بغياب جماعي وينشئون قروبات WhatsApp لهذه الظاهرة ومع الأسف كثير من أولياء الأمور والإدارات المدرسية والمعلمين يقومون بمساعدتهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون، مشيرا إلى انه من المضحك المبكي أن أحد الأصدقاء الثقات حدثه بأن قروبات الأمهات في إحدى المناطق تتحكم في دوام المدارس إذا اتفقوا الأمهات على الغياب تخلو المدارس.
وأضاف أن أسباب هذه القضية واضحة وهي عدم رغبة الطلبة في الدراسة وحبهم للعب والراحة من عناء الدراسة، كما أن رغبة أولياء الأمور تتدخل في عدم التعب عن طريق توصيل الطلبة إلى المدارس، وإضافة إلى ذلك بعض الإدارات المدرسية والمعلمين يرتاحون في يوم الغياب لكنهم يتركون القرار للطالب وولي الأمر، من خلال تلميحهم للطلبة بأنه من الممكن ألا يكون هناك تدريس في يوم الغياب الجماعي.
ولفت إلى انه من طرق العلاج التي يجب تطبيقها في المدارس تسجيل يوم الغياب رسميا وعدم استثناء أي طالب إلا بعذر طبي، وفرض بعض الإدارات على المعلمين تدريس الحصة وإن كان عدد الطلبة قليلا، واعتبار الحصة من المنهج وعدم تكرار شرحها في وقت آخر.
وذكر العراك أن من الحلول التي قامت بها بعض الإدارات ايضا عمل اختبار في هذا اليوم وفي حصص متأخرة من اليوم الدراسي، لكن الوضع أكبر من قدرة الإدارات والمدارس الميدانية من تطبيق هذه الأنظمة بسبب اعتراض أولياء الأمور وشكاواهم الكثيرة على هذه الإدارات واستخدامهم للسوشيال ميديا في التحكم والتشكيك بهذه الإدارات، ومع الأسف هناك إدارات تسمح بالغياب فتؤثر بقراراتها على الإدارات الملتزمة، مضيفا أنه أحيانا تتدخل بعض الأطراف وتطلب من الإدارات المدرسية عدم تسجيل غياب في تلك الأيام.
كما أن كثرة الإجازات في الدولة تساعد على انتشار هذه الظاهرة، ومثل هذه الأحداث تؤثر على التحصيل الدراسي لدى الطلبة مما يؤدي إلى تدني التعليم وفساده.
الترف الزائد
من جانبها، قالت الموجهة الفنية الأولى ومراقبة التعليم الابتدائي بالإنابة في منطقة الفروانية التعليمية إلهام العوضي إن هناك عدة أسباب لغياب طلاب المدارس بالأيام الواقعة قبل وبعد العطل الرسمية منها عدم جدية أولياء الأمور في حث أبنائهم على الانتظام بالدوام مما يشجع الطلاب على التهاون وعدم الالتزام في الحضور للمدرسة ومتابعة دروسهم، كما أن الترف أحد الأسباب وضمان الطالب مساهمة أهله بتعويض ما فاته من دروس عن طريق الدروس الخصوصية، مشيرة إلى أنه أحيانا لا تكون هناك جدية في تطبيق العقوبات على المتسيبين في هذا الجانب.
وأضافت العوضي أنه للحد من هذه الظاهرة يجب عدم قبول الغياب بدون تقديم عذر طبي ووضع اختبارات في تلك الأيام وأن تدخل درجات هذه الاختبارات ضمن مجموع الدرجات والأعمال اليومية للطالب، داعية إلى ضرورة تخصيص مكافأة وتحفيز للطلاب الملتزمين بالأيام المذكورة بالطابور الصباحي وتخصيص رحلات ترفيهية خارج المدرسة للطلاب الملتزمين بالدوام في نهاية كل فصل دراسي.
الدوسري: أربع نقاط يمكن التركيز عليها للحدّ من ظاهرة الغياب
استعرضت مديرة ثانوية هدية للبنات، نوير الدوسري 4 نقاط رأت أنه من خلالها يمكن الحد من ظاهرة الغياب، خاصة في المرحلة الثانوية، جاءت على النحو التالي:
٭ أولا: ربط الغياب مع سجل الطالب حيث يخصم من المتعلم نصف درجة للأيام التي يغيبها سواء كانت قبل أو بعد الإجازات.
٭ ثانيا: فيما يتعلق بالتأخير تضمنت اللائحة أن كل 5 تأخيرات للمتعلم تعتبر غيابا ليوم كامل دون عذر، وهذا غير مرتبط نهائيا مع سجل الطالب ولا يؤثر هذا التأخير على المتعلم رغم جميع الجهود المبذولة في تسجيل الغياب اليومي وتنزيله في السجل الإلكتروني للمدرسة.
٭ ثالثا: خروج المتعلم بدون إذن رسمي، ظاهرة تصيب بعض المتعلمين رغم شدة الإجراءات فيحسب غيابا دون عذر للمتعلم وترتبط بالدرجات في سجل الطالب، لذا يجب توعية أولياء الأمور والمتعلمين في حالة خروجهم من المدرسة.
٭ رابعا: اللائحة ورد فيها أنه إذ تجاوز غياب المتعلم السليم 25 يوما بعذر مقبول ومن ضمنها الغياب من دون عذر وكذلك إذا تجاوز المتعلم 15 يوما دون عذر يشطب المتعلم ويعتبر راسبا وتحتسب النسبة من ضمن سنوات البقاء والرسوب في المرحلة الثانوية، وكذلك عدم وجود ربط بين السجل واللائحة في بعض البنود، لذا استوجب التعديل حتى تحد من ظاهرة الغياب لدى المتعلمين، كما يجب أن تكون هناك متابعة ومحاسبة للمقصرين من قبل وزارة التربية، فلا تطوير ولا تحسين في العملية التعليمية دون الوعي بأهمية التزام المتعلم ووعي ولي الأمر بأهمية الانضباط بالدوام المدرسي.