بعد جريمة فاقوس.. حق الحضانة التلقائية للأم يثير جدلا في مصر
دفع تكرار جرائم قتل نساء مطلقات لأطفالهن في مصر، خبراء قانونيين إلى المطالبة بمراجعة مبدأ الحضانة التلقائية للأم في حالة الطلاق، المنصوص عليه بالقانون الحالي، مطالبين بأن تكون الحضانة لمن هو أهل لتلك المسؤولية من شتى النواحي، وأهمها الصحة العقلية والنفسية.
وصباح السبت كشفت النيابة العامة في مصر تفاصيل جريمة مروعة ارتكبتها سيدة قتلت طفلها البالغ من العمر 5 سنوات في مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، شمال شرقي القاهرة، وقطعت جسده أشلاء وحاولت إخفاء الجثة والعبث بها.
ورغم أن التحقيقات تشير إلى أن المتهمة مسؤولة عقليا عن تصرفاتها، إلا أن النيابة أكدت أنها ستتخذ إجراءات قانونية محددة للتأكد من سلامة قواها العقلية.
هد من قرية أبو شلبي في مركز فاقوس التي وقعت فيها الجريمة ويدعى سلامة علي، قال لموقع “سكاي نيوز عربية” إن:
- المتهمة تدعى هناء وعمرها لا يزيد عن 30 عاما، وأن طفلها الضحية يدعى سعد وعمره 5 سنوات.
- المتهمة منفصلة عن زوجها منذ أكثر من عامين وكانت تعيش مع الطفل الضحية في منزل متهالك بالقرية وتعمل بالأجر اليومي في الأراضي الزراعية بعدما حصلت على حضانة الطفل عقب الطلاق.
- أكد المقربون من المتهمة أنها مهزوزة نفسيا وأن هذا ما دفعها لارتكاب تلك الجريمة البشعة.
جرائم مماثلة
- خلال السنوات الماضية شهدت مصر ارتكاب نساء مطلقات أو غير مطلقات لجرائم قتل لأطفالهن، لأسباب مختلة أهمها إرضاء العشيق أو زوج الأم، وهي جرائم عزاها البعض لوجود خلل نفسي وعقلي لدى تلك النساء.
- في يناير 2022 قامت سيدة مطلقة وعشيقها بقتل طفلتها خنقا وإلقاء جثتها من أعلى جسر مشاه؛ لإرضاء العشيق الذي طلب التخلص منها بسبب بكاءها المتكرر، وتم القبض عليهما وإحالتهما للمحاكمة.
- في سبتمبر الماضي، أحالت النيابة العامة سيدة للمحاكمة أمام الجنايات بتهمة قتل طفلتها والشروع في قتل بقية أطفالها الثلاثة، بمساعدة عشيقها لإجبار زوجها على تطليقها، بمركز منشأة القناطر، في القليوبية شمالي القاهرة.
- في ديسمبر الماضي قررت النيابة العامة حبس سيدة بمدينة المنصورة لقيامها بمساعدة صديقها بقتل طفلها البالغ من العمر 6 سنوات وإلقاء جثته في مجرى مائي.
مطالبات بتعديل حق الحضانة التلقائية
طالب خبراء قانونيون بضرورة تعديل حق الحضانة التلقائية للأم المنصوص عليه بالقانون الحالي في حالة الطلاق.
وقال المحامي بالنقض ومجلس الدولة، شعبان سعيد، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه لا بد من النظر في قانون الأحوال الشخصية بشأن مسألة الحضانة التلقائية للأم، ويجب أن تكون الحضانة للأكفأ والأصلح والأصح بدنيا ونفسيا، وليس لتفضيل طرف على الآخر.
أجراء الفحص النفسي والعقلي للطرفين قبل الزواج وبعد الطلاق
يدعو سعيد إلى ضرورة وجود نص ملزم يوجب إجراء الفحص النفسي والعقلي للزوجين في حال الانفصال، خصوصا أنه في الآونة الأخيرة صُدم المجتمع بقيام نساء من طبقات وثقافات ومستويات اجتماعية مختلفة بقتل أطفالهن، مما يدل على أن هناك شك في قاعدة أن الأم أو النساء هن الأصلح لحضانة الأطفال.
وأوضح أنه من واقع عمله وخبرته كثيرا ما وجد الرجل بعد الطلاق يطعن في السلامة العقلية والنفسية لمطلقته ومدى صلاحيتها لحضانة الأطفال، في وقت بات واجبا بعد الطلاق إحالة الطرفين للطب الشرعي لبيان مدى صلاحيتهما نفسيا وعقليا ولابد من النص قانونا على هذا الأمر حتى يسير عليه القاضي بطريقة إلزامية.
الواقع مختلف عن تصور المشرّع
وتابع أنه في ذات مرة ترافع في قضية كانت فيها الأم تضرب أطفالها وتعذبهم وهناك شهود على ذلك، وطالب المحامي القضاء بالكشف النفسي والعقلي عليها، لكن تم تجاهل الطلب بدعوى أن هذه أمهم ولا يصدق أحد أنها ستؤذيهم.
وقال المحامي، أيمن محفوظ، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إن حضانة الصغار التلقائية التي يعتبرها القانون حق للنساء ليست هي السبيل الأمثل لتحقيق المصلحة الفضلى للصغار، وعلينا أن نراجع تلك القوانين التي سبقتها الجريمة الأسرية في تصور الحدوث.
وتابع أن “المشرّع يرى أن الأم هي الأجدر بحضانة الطفل لأنها أشفق الناس عليه وأحرص الناس على مصلحته، لكن الواقع في بعض الأحيان يحدثنا حديثا مغاير لذلك التصور”.
ماذا يقول القانون الحالي؟
طبقا لما ينص عليه قانون الأحوال الشخصية، فإنه ينتهى حق حضانة النساء ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشر. ويخير القاضي الصغير أو الصغيرة بعد بلوغ هذا السن البقاء في يد الحاضنة بلا أجر حضانة، وذلك حتى يبلغ الصغير سن الرشد وحتى تتزوج الصغيرة”.
وأكد محفوظ أن القانون الحالي اشترط أيضا أن تكون الحاضنة أمينة على المحضون لا يضيع الولد عندها، والأمانة تقتضي أن تكون صحيحة الجسد والبنية العقلية
وغير متزوجة من أجنبي، فإذا ثبت عدم أمانتها، تسقط عنها الحضانة فورا، وتنتقل لمن يليها من الحاضنات من النساء.
لا بد من تشريع جديد
أشار محفوظ إلى أنه لا بد من وجود تعديل تشريعي يضع شرطا للحضانة التلقائية للأم عبر ثبوت قدرتها وجدارتها بمهمة حضانة الصغار الشاقة من حيث القدرة الجسدية والنفسية والعقلية.
وقال المحامي، محمد السيد، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إن من أسوأ النماذج التي رصدها خلال رحلته في محاكم الأسرة، الأمهات اللاتي استخدمن الصغار كورقه ضغط على الزوج (الأب) في حال الطلاق أو حتى مجرد وجود خلافات.
وأوضح أنه من أغرب الحالات أن الأم بعد الطلاق تركت أولادها الصغار ذكرين وأنثى في غرفة دون رعاية، وكانت هي في غرفة مجاورة مع صديقها، فحدث ماس كهربائي قتل الصغار حرقا وخنقا، وأم أخرى أخذت الحضانة والولاية التعليمية ومنعت ابنتها من الدخول للمرحله الدراسية لها ومنعتها من دخول الامتحان كيدا وإذلالا لزوجها السابق والد الصغيرة.
واستطرد أن سيده ثالثة كانت تؤجر أطفالها وأكبرهم 6 سنوات للمتسولات في إحدى مدن محافظة الجيزة، وتتركهم بلا رعاية مع المتسولات ودون طعام حتى يصرخوا استجداءًً للمارة، ومع زيادة صراخ الجوع والألم من الأطفال تزيد معها حصيله التسول وبالتالي تزيد حصة الأم التي أجرت صغارها.
وختم المحامي محمد السيد بأن “الأمثلة كثيرة ولكن لا تجد من ينظر إليها بتركيز، لأن من غير المتصور وجود الأم صاحبه القلب الحجري وسط المجتمع، وكل التركيز مع تصرفات الأب فقط وأنه هو من يؤذي أولاده بعد الطلاق.. لكن في الواقع لابد من التدقيق مع الجانبين وأن تكون مسؤولية حماية الأطفال هي الأولوية”.
“ما يحدث في الواقع يقول بوضوح إنه آن الأوان لتغيير تلك النظرة التقليدية والاعتماد على الطرق العلمية التي تنظر في الجوانب الصحية والعقلية للأب والأم”.