الكويت – النخبة:
المصدر – القبس:
يلجأ الناس إلى الأئمة والعلماء ومشايخ الدين، إذا ما أشكل عليهم شيء من أمور دينهم ودنياهم، لأنهم ورثة الأنبياء في البيان والبلاغ والنصح والإرشاد إلى صراط الله المستقيم، وقد قال قديما أحد أئمة الحديث «يا معشر العلماء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد؟!»، ومن أخطر أشكال الفساد أن يأتي الوعاظ والدراويش ويتشبهون بالعلماء، فيصدقهم الناس ثم ينحرفون بهم عن جادة الصواب طلبا للوجاهة والمال والمنصب.
إنه بعد أن تنظمت الدولة ووضعت أسس وقواعد لترتيب مؤسساتها، والدينية منها، جعلت أفضلية الانضمام لهيئاتها ولجانها الشرعية لحملة شهادات الدكتوراه، فأثار ذلك لعاب الوعاظ والدراويش، الذين لم يكن يحمل بعضهم شهادة ثانوية عامة، وبدؤوا يتسللون لتلك الهيئات واللجان الشرعية من خلال شهادات دكتوراه مزورة ووهمية، وهو ما انتبهنا له في الجمعية الكويتية لجودة التعليم، من ضمن ما رصدناه من ظواهر تغلغل حملة تلك الشهادات في عدة تخصصات، وبالعديد من مؤسسات الدولة، وبالأخص التعليمية منها، ونجحنا بفضل الله باستئصال بعضهم، والحد من تغلغل آخرين في جهات مختلفة، ونشرنا الوعي واقترحنا التشريعات والقوانين، ولا يزال الطريق طويلا.
لقد أنذرنا وزراء الأوقاف المتعاقبين، وأقمنا الدعاوى المنظورة أمام القضاء بشأن هؤلاء المدلسين، إلا أن ما صرح به معالي وزير العدل والأوقاف د. فهد العفاسي، مطلع هذا الشهر في الزميلة الأنباء، قد وضع الأمور على جادة الصواب، حين أشار إلى إصدار حزمة من الضوابط لتنظيم الفتوى لتحول بين المجتمع والفتاوى الشاذة، ومن أهم ما جاء بالضوابط أن تكون الأولوية للمتخصص بأصول الفقه، وأن يكون حاصلا على الشهادة الجامعية في الدراسات الاسلامية، ويقدّم بالتعيين حملة الماجستير والدكتوراه، الأمر الذي يجعلنا نشيد أيضا بسعادة الوكيل المساعد لشؤون الافتاء عيسى العبيدلي.
إلا أن هناك أمرا خطيرا يجدر أن ننبه إليه معاليه، وهو أن الشروط قد أغفلت ضابطاً مهماً من ضوابط الجودة، وهو أن تكون الشهادة العلمية معترف بها ومعادلة من قبل وزارة التعليم العالي، لكي لا ينكب على الهيئات سيل من دراويش الشهادات الوهمية والمزورة، الذين يتمتعون بضغوط حزبية وانتخابية.
أما الأمر الذي لا يقل أهمية، فهو ضرورة أن تعمم هذه الضوابط على جميع هيئات ولجان الفتوى التابعة أو الملحقة بوزارة الأوقاف، فمن المؤكد أن حملة الشهادات الوهمية قد اخترقوا الكثير من الهيئات واللجان الشرعية، خصوصا الأمانة العامة للأوقاف وبيت الزكاة، اللتين تقدمنا بعدة إنذارات ودعاوى قضائية بشأن حملة الشهادات الوهمية في لجانهما الشرعية، وهما للأسف مؤسستان عريقتان، وبالأخص الأمانة العامة للأوقاف، التي يترأسها أمين عام على درجة عالية من الكفاءة والمهنية.
إننا نوجه كل الشكر والتقدير لمعالي الوزير، ولكن الوزارة لم تحرك ساكنا بشأن الإنذارين على يد محضر الذي أرسل أحدهما لمعاليه، بشأن أحد حملة الشهادات الوهمية في اللجنة الشرعية في الأمانة العامة للأوقاف، لذا نستأذنكم الأسبوع القادم، نظرا لانتهاء مهلة الستين يوما برفع دعوى قضائية على معاليكم بصفتكم.
***
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
بدر خالد البحر
