الصحة أم المال؟ – بقلم : د.هشام أحمد كلندر
«الإنسان يضحي بصحته من أجل كسب المال، ثم يضحي بالمال لمعالجة صحته»، اقرأ هذه المقولة بتمعن، وفكر فيها بتدبر، وتوقف عليها لفترة، وتأنّ وتأمل، فإنها تستحق كل دقيقة تقضيها للتفكر، فلعل وعسى من ذلك تتبصر.
أيهما أهم الصحة أم المال؟ هل أنت مستعد أن تضحي بصحتك مقابل المال؟ أم أنك تضحي بمالك مقابل صحتك؟ إذا وضعوا في كفتين أيهما ترجح؟ لا تستعجل بالإجابة، لأن ممارستك قد تتعارض مع إجابتك.
إن هذا السؤال فلسفي، ويعتمد على أمور كثيرة، ويختلف جوابه من شخص لآخر، وقد تحكمه ظروف معينة، بل قد يختلف من مجتمع لآخر، وقد تكون للسن أحكام، وللأفكار والأهداف للأشخاص إلزام، في أي الاتجاهين يكون الزمام، بل قد يتغير ذلك بناء على ما يؤمن به الأشخاص من أحلام، أو على حسب ما يعاني منه من الأسقام، وقد يلعب بذلك القرار توافر المسكن والطعام، أو قدرة الجسم للتحمل لما يعانيه من آلام، وقد يتهرب البعض من التفكير بذلك ويرفع راية الاستسلام، غير مكترث لما قضاه في هذه الدنيا وما مر عليه من الأيام والأعوام، ويتركه للزمان دون إبداء أي اهتمام.
«الإنسان يضحي بصحته من أجل كسب المال، ثم يضحي بالمال لمعالجة صحته»، العمل مطلوب لكسب المال، والحفاظ عل الصحة أيضا مطلوب، فالتوازن بين الأمرين هو المطلوب، وألا يطغى أمر على الآخر، فلا نرى من يضحي بصحته من أجل كسب المال بشكل مفرط عن حاجته، ولا نريد أن نرى العكس من ذلك.
«الإنسان يضحي بصحته من أجل كسب المال، ثم يضحي بالمال لمعالجة صحته»، بلا شك إن الصحة لا يعدلها شيء وهذا الأمر لا يحتاج إلا نقاش، وأفضل ما ندلل به على هذه الحقيقة هي قول نبينا ﷺ: «لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة لمن اتقى خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم» (سنن ابن ماجه).
«الإنسان يضحي بصحته من أجل كسب المال، ثم يضحي بالمال لمعالجة صحته»، فالمال يمكنك من إحضار طبيب ولا يستطيع أن يعطيك الصحة، فالصحة إذا ذهبت فلا شيء يعوضها، أما المال فيأتي ويذهب. فعلينا أن ندرك هذه الحقيقة. وأريد أن أوضح أن من الصحة العمل، ولكن في بعض الأحيان يتوقف ذلك على نوع العمل وطريقته، والتوازن بذلك، فلا تجهد جسمك أكثر من طاقته. في المقابل، زاد في زماننا المرض بسبب الخمول والكسل، وعاداتنا التي نمارسها في داخل أو خارج العمل.
٭ خلاصة الكلام للجواب عن التساؤلات في بداية المقال هو قول المصطفى ﷺ: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها» (البخاري).