شيطنة الكربون! – بقلم : د. عادل رضا
لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على منطقتنا الخليجية بنعمة البترول والغاز، مما أطلق حالة التحديث على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والتنموية في الخدمات والتجارة والنقل وتأسيس بنية تحتية مرتبطة مع النفط وتصديره، وأمكن استخدام الفائض المالي في الاستثمار وبناء الإنسان الخليجي من حيث التعليم والابتعاث الجامعي وتحقيق الرعاية الصحية والسكنية والأمان الوظيفي.. إلى آخره من الأمور والإيجابيات التي تم استخدام هذه النعمة فيها في منطقتنا الخليجية.
تنتشر في الآونة الأخيرة موجة عالمية للابتعاد عن هذه الطاقة الاعتيادية وشيطنتها، وأخذت الأمور منحى أكثر خطورة مع قوانين الاتحاد الأوروبي المختصة بتقليص اعتمادهم عليها في العام 2030 وخاصة في قطاع النقل، حيث سيتم الانتقال الكهربائي كمصدر تشغيل «وحيد» للسيارات والشاحنات وقطارات النقل، مما سيؤدي لتداعيات خطيرة على الاستثمار في قطاع النفط والغاز عالميا، وأيضا تقلص الاستثمار في قطاعات صناعات النفط وخاصة مع ضريبة الكربون المزمع تفعيلها على أرض الواقع!
واضح مع التركيز الإعلامي الدعائي المكثف أن عملية «شيطنة الكربون» هي أحد خطوط الصراع العالمي القادمة التي ستؤثر علينا، وهناك «هيستيريا» ضد الكربون وكل ما يرتبط به! والأكثر غرابة هو أن كل هذه الضوضاء لا دليل علميا إحصائيا قاطعا يدعمها يبين أن هكذا انتقال «شامل» للطاقة البديلة له آثار إيجابية «كاملة» على البيئة!
لا أحد ينكر تغير المناخ، لكن هل هذا التغير بسبب البشر أم لأسباب أخرى؟ لا أحد يعرف بصورة قطعية، حيث إن هناك تناقضا في الدراسات وإلى الآن ليست الرؤية واضحة، لأن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لا تقتصر على ثاني أكسيد الكربون الناجم عن حرق الوقود الأحفوري فقط، لأن العديد من الغازات الضارة الأخرى تأتي من مجموعة متنوعة من المصادر، ويجب التعامل معها جميعا بالإضافة إلى عوامل جغرافية أخرى، وليس التركيز فقط على الكربون، وللمعلومية فإن مخلفات الطاقة النووية والشمسية وبطاريات السيارات كذلك لها تأثير ضار على البيئة، وقد يفوق تأثير الوقود الأحفوري، فلماذا تتحرك «الشيطنة» ضد مصدر واحد ويتم غض البصر عن باقي المصادر، بل وتلميعها كأنها حل سحري لمشاكل البشرية وكوكب الأرض؟ وأيضا لماذا تتم شيطنة الغاز الطبيعي كذلك؟ ألم يتم اعتباره طاقة نظيفة لعقود طويلة؟ هذه كلها أسئلة تحتاج إلى التحليل والدراسة والتقييم عبر مختصين في هذا المجال.
وأيضا علينا القول إن مصادر الرياح والشمس لا يمكن وضعها على قدم المساواة مع الفحم أو النفط أو الغاز، حيث «لا» يمكنها الإنتاج المتواصل، حيث تعتمد جميعها على الطقس وتقلباته.
إن هناك تناقضا واضحا وانعدام رؤية وأيضا غموض حول هذه الهيستيريا لكي «يبلع» العالم «شيطنة الكربون» ويقبلها بدون تفكير! هنا أتصور أنه علينا كمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي التنسيق والعمل على خطة موحدة تحفظ مصالحنا الاقتصادية وأيضا ضمان استمرارية الجانب الاستثماري، وأيضا المطلوب اليقظة عند إقرار أي معاهدات دولية والتحرك الجماعي المتناسق ضمن خطط تقررها مؤسسات المجلس البحثية، مع مشاركة الجامعات المختصة والعقول الأكاديمية العاملة في خلق حوار بناء يقدم خارطة عمل نستطيع نحن كمنظومة دول خليجية الحركة فيها على أرض التطبيق تنطلق من هنا إلى بقية دول العالم.