يحدث أحيانا أن يأتيك شعور بأن عقلك على حافة الشتات، وفي داخلك فوضى عارمة، وفي باطنك بركان يترقب أن تحين ساعته، وتتسارع دقات القلب وتجتاحك مرارة شديدة تتجرعها جل جوارحك، فيدخل عقلك في حالة ثبات هربا مما أصابه، وتصرخ روحك من أعماق دواخلك وتنهال على عقلك التساؤلات تتسارع، تكاد تفتك به فتخرجه رغما من ثباته باستنكار غاضب من العقل الذي يلعب اليوم دور الجلاد الذي لن يرحم ذاتك ولن يغفر لقلبك، مما أودى به إلى الجحيم بسبب تعاطفهم الآثم الخاطئ مع شياطين الإنس الذين أصابوك بنزيف عميق في نفسك ليس بمقدور شيء أن يوقفه، فقدت فيه مشاعر، ومبادئ، وعمرا ضاع في بناء أساس هش لم تكن أرضه قوية راسخة لتتحمل بناء يعيش لدهر، ونبتة زرعت في أرض ما كانت يوما صالحة للزراعة وما كان الحصاد إلا الخيبة والخسران، وأمنيات تسبب عطاء القلب المفرط بدفنها تحت الأقدام الآثمة التي خطت فوق كل ذلك حتى تصل لمبتغاها الدنيء وهو «الأنانية» والفرار دون أي خسائر..!
بكل بساطة ومن دون الشعور بأدنى مسؤولية تجاه الضحية من ذلك الذئب الذي نهش روحها واستنزف جل طاقتها حد خروج الروح.
فيسأل العقل الثائر، القلب الحائر البائس سؤالا عجز اللسان عن ترجمته بالرغم من سلاسته وقلة حروفه! لم..!؟ لم أيها القلب فعلت ذلك بي؟! بانسيابية دون روية سلمت ذاتك وعقلك لوحوش ما كانت من بني البشر فقط، بل هي ذئاب ترتدي قناع الإنسانية كي توقع بك في شباكها بالحيلة والاستعطاف حتى إذا ما تمكنوا منك وانتهت مهمتك تجاههم انهالوا عليك بأنيابهم ففتكوا بك.
لم أيها القلب فعلت ذلك؟! ألم تتعلم مما حدث بالماضي؟! ألم تقسم وأخذت على نفسك الوعود والمواثيق بعدم تكرار ذلك الخطأ ثانية؟!.
لم يجد القلب المسكين ما يدافع به عن نفسه، فأجهش في بكاء هستيري كاد أن يذيبه، فاعترف بخطئه منكسرا ذليلا للنفس والعقل ويلح على خاطرك استنكارا لواقع مرير لم يؤذي الناس بعضهم بعضا!؟
ألا يمكن أن نخرج من حياة بعضنا كما دخلناها؟!، بنفس الحيلة واللطف والهدوء فما الدنيا الا باب ندخله وباب نخرج منه دون متاع!، فقط عمل حسن يرسلنا إلى جنات النعيم او سيئ يودي بنا في أسفل الجحيم.
وما أعظم الظلم! خاصة إن كنت على يقين بأن ضحيتك لن يمكنها الحراك تحت ثقل ظلمك، ولن يمكنها محاربتك لأنها الطرف الأضعف، وما أروع كلام الحق تعالى، حين قال مترئفا بالنفس المقهورة، «وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين».. فاتقوا الله في أنفسكم أيها الناس فالله سبحانه وتعالى لا يأخذ الظالم إلا أخذ عزيز مقتدر.
fatmaalosoly@gmail.com
