واقع الحال هو الوضع الحقيقي الذي نعيشه ونتلمسه، ويقينا ودون أدنى شك أن الحال ليست هي الحال التي نريدها ونتمناها أو كنا عليها، وكما ترون فنحن في واقع مرير لا يسر، فالصراع على أشده بين المال والحداثة ولا عزاء للمنظومة الأخلاقية، التي باتت تعاني من الشيخوخة.
حتى الإنسانية التي كنا نتشدق بها نسمع عنها ولا نراها، نتسابق على الشهرة والعبث، نسينا ماضينا الجميل وحذفناه من قاموسنا، الحداثة فرضت علينا أخلاقا لم نكن نعرفها، ظواهر سلبية غريبة صرنا نراها تشمئز لها النفس، جرائم قتل وتشويه سمعة ونصب واحتيال وابتزاز وتخويف وترهيب والأمر في ازدياد، تراجع كبير بالضمير والحس الإنساني، وحتى في الوازع الديني أمام متغيرات الحياة الكثيرة.
ومن أسوأ ما نراه تصديق الكاذب وتأييد الظالم، والتصفيق للعابث، والسير عكس الاتجاه، ومع كل هذا وغيره فنحن لم نفقد الأمل بحمد الله، فليت بعض أحلامنا كانت واقعا وبعض واقعنا كان أحلاما، فالعقل والمنطق افضل لنا من الأماني.
لقد اختلفت أمورنا اختلافا كبيرا عما كانت عليه، نسمع كلاما طيبا مؤثرا ونرى فعلا عكس ما نسمع، حتى إن بعض الناس يعيش انفصام شخصية، يتأرجح بين الخير والشر، في النهار بوجه وفي الليل بوجه آخر، وللأسف فهذا الجيل لم يستفد من الأجيال التي سبقته شيئا، فكثير منهم لم يعد للقناعة مكانا عنده أو أنها فهمت عنده لغير معناها الصحيح، وبات هذا البعض يتبنى فكرا وآراء لا تمت للواقع بصلة، فإما أن تكون معي أو أنت ضدي، مع أن الأجدر والأحرى به أن يتبنى نهج القناعة والفكر الحر النظيف، الذي يبني ويعمر، ويعيد الى المجتمع معاني الإنسانية والخير التي افتقدناها بعيدا عن التطرف الفكري، فالسير في نهج الوسطية والاعتدال هو الطريق الصحيح.
لقد صرنا نبيع الأوهام والأحلام ونتاجر بها، مع العلم أننا بحاجة ماسة الى التنمية الحقيقية وإصلاح الخلل الذي نعيشه، ولن يكون ذلك إلا بتطبيق قول الله تعالى على أنفسنا «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» وليس الأمر صعبا لو أردنا ذلك، فاللهم أصلح حالنا وارزقنا الرضا والقناعة.
ودمتم سالمين.
