طاقة مؤثرة – بقلم : فاطمة المزيعل
كثيرة هي المغالطات السائدة والتي تحتاج إلى التصحيح، كاعتبار صفاء النية ضعفا، والحامل لها ساذجا وعلى شفا جرف البلادة، أو كاد أن يكون مغفلا بالفعل! فالأمر ليس كذلك، لأنه ثمة خيط رفيع بين النية الصافية والسذاجة، فالأولى تعني نقاء الجوهر والتصرف بشفافية، أما السذاجة فإنها تشير إلى الغباء والوقوع صيدا سهلا للخداع والمكر.
أن تكون صاحب نية صافية يعني أنك تحمل مبدأ إنسانيا راقيا تترفع به عن التمويه والخداع والتصنع والنفاق، فبنيتك الصافية تعطي الناس من بين يديها لا من خلفها، وتعامل الناس بنزاهة معاملة طيبة وإن قابلها السوء ستظل تتصرف بالمسامحة لا بالمقايضة، وهذا درب الأفاضل الذين لا تجد بين داخلهم وخارجهم أي تباين.
تأكد إن طال الزمن أو قصر، أنك ستكون أنت الغالب بنيتك تلك، فعالم النواميس الكونية الذي وضعه الله عز في علاه محكم جدا.
فمن حرص على صفاء نيته رزق من الخير فوق ما يتمنى، بصيانة داخله بشكل دوري، وتفقد جوهره باستمرار، وحماية قلبه من كل ما يمكن أن يفسده، فبنيتك الصافية في تعاملك مع الناس لن يضيعك الله أبدا، حتى ولو ابتليت في بداية الأمر ببعض المنغصات، إذ سيجعل الله مآلك السلامة حتما من كل مكروه وسوء.
ولكن احيانا مهما كان داخلك شفافا إلا أن هناك من لا يرون سوى الغبش وما تدنس ولم يعد طاهرا ويتغاضون عن كل ما هو نقي بداخلك، لهذا تجدهم لا يستوعبونك أبدا، وخير مثال على ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم أصفى الناس نية إلا أنه تعرض لأبشع صنوف الإيذاء، وتكمن غلبة النية الصافية في تسهيل الكثير من الأشياء وتجاوز العديد من العقبات، فتجد أن الذين يرزقون السعادة الحقة بالأساس هم من أصحاب النوايا الصافية، ومن هنا نريد القول إن للنية الصافية طاقة مؤثرة في عالمنا الخاص ومحيطنا العام.
فثمة نقاط أكثر عمقا تتعلق بالنية الصافية، بحيث إنه لا يكتمل إدراكها إلا بسمو المرء على الغرض الشخصي الذي يشكل جزءا غريزيا منه.
وتظل النية الصافية ذات شفافية جميلة وإن لقي الفرد الكثير من الأذى في البداية جراء تمسكه بها، فإنها لا تجر معها في الأخير إلا الخير، فكن كما أنت بصفاء نيتك وطهارة جوهرك، وإياك أن تتأثر سلبا بما يصيبك من شر او بعكس ما تتوقع.
في النهاية يجب الإشارة إلى أنه بالإضافة لكون صفاء نيتك جلابة للخير والسعادة، فأنت أيضا مأجور ومثاب عليها، وعلى قدر صفاء النوايا تكون العطايا كما يقال، لذا ضع نيتك الصافية أساس أقوالك وأفعالك، وسيتولى الله كل أمرك وسيرضيك حتما.