الكويت – النخبة:
المصدر – الأنباء:
لا يعلم الكثير من الآباء والأمهات الاعراض التي قد تبدو على أطفالهم، خصوصا اذا كانت هذه الاعراض جديدة على المجتمع أو غير معلومة لدى الأسر سابقا، ومن هذه الاعراض، اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه والذي انتشر في الاونة الاخيرة بشكل كبير بين الأطفال، الأمر الذي يحتاج المصابون به إلى متابعة طبيب وعلاج.
ولهذا الاضطراب سمات وعوامل عديدة، وله ايضا أسباب وعلاجه يحتاج إلى تدخل دوائي وعلاج نفسي وعلاج بالعمل كما يحدده الطبيب المختص، بعد فحص الأطفال والاستماع إلى أولياء أمورهم.
«الأنباء» اجرت لقاء مع دكتورة الطب النفسي للأطفال والمراهقين ورئيسة القسم الطبي في مركز الكويت للصحة النفسية د.بيبي العميري التي حدثتنا عن مركز المنارة للصحة النفسية للأطفال والمراهقين، وسلطت الضوء على الأمراض النفسية التي يعالجها المركز للأطفال والمراهقين.
وتحدثت العميري بشكل مفصل عن اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه والعوامل التي تؤدي لهذا الاضطراب وأسبابه، مقدمة نصائح لأولياء الأمور الذين لديهم أبناء يعانون من هذا الاضطراب في كيفية التعامل معهم ومتابعة حالتهم والعديد من الأمور التي تحدثنا عنها خلال الحوار واليكم التفاصيل:
بداية، هل لنا ان نتعرف على مركز المنارة للصحة النفسية للأطفال والمراهقين؟
٭ مركز المنارة للصحة النفسية للأطفال والمراهقين تم انشاؤه عام 2011 لاسيما بعد ازدياد حاجة الأطفال والمراهقين للخدمات النفسية، ففي السابق كان يتم علاج الأطفال في اجنحة الكبار في مركز الكويت للصحة النفسية ومن هنا جاءت فكرة انشاء مركز المنارة من أجل تشجيع الاهالي لاحضار أبنائهم للعلاج بعيدا عن رهبة اجنحة الكبار، واخترنا مسمى المنارة من أجل تقليل الوصمة للمرض النفسي والمركز يضم مبنيين للاجنحة الداخلية، اجنحة المنارة 1 و2 (للأطفال من عمر 7 سنوات وحتى 16 سنة بنات وجناح 2 للبنين) بالاضافة إلى العيادة الخارجية والتي تحتوي على ٨ أطباء حاليا وكذلك لدينا الخدمة النفسية والاجتماعية والعلاج بالعمل حيث يتم تزويدنا من مستشفى الطب الطبيعي بمعالجين بالعمل ويختلف العلاج بالعمل من حالة لحالة ففي حالات فرط الحركة يكون العلاج بالعمل لزيادة القدرة على التركيز ومحاولة استخدام الايدي وعمل اشياء عقلية معقدة لفترة طويلة بما يزيد التركيز والجلوس لفترة اطول، وبالنسبة لحالات التوحد والإعاقات الذهنية يستخدم العلاج بالعمل لعلاج الاعراض الحسية ومحاولة التواصل مع الاخرين بشكل اكثر فاعلية
ولدينا وحدة متخصصة بمرض التوحد تقوم بالتشخيص والعلاج باللعب والعلاج باسلوب دنفر، كما لدينا خدمات خارجية نقدمها في المستشفيات العامة في الكويت من خلال العيادات النفسية كما لدينا عيادات نفسية في وزارة التربية تخدم جميع المدارس الحكومية في الكويت بالاضافة إلى الاستشارات الخارجية لجميع مستشفيات الكويت.
وما الأمراض النفسية التي يعالجها مركز المنارة للصحة النفسية للأطفال والمراهقين؟
٭ يعالج اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه، والمشاكل السلوكية مع الإعاقة الذهنية أو مرض التوحد وكذلك الاكتئاب وأمراض القلق بانواعها بالاضافة إلى مرض ثنائي القطبية وانفصام الشخصية.
ما المقصود باضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه؟
٭ اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه ADHD يصاحبه 3 مجموعات من الاعراض، المجموعة الاولى الخاصة بفرط النشاط حيث يقوم الطفل بالتحرك بشكل سريع والقفز على الكراسي وفتح الادراج ولا ينتظر الدور ويتحرك كثيرا اثناء الحديث ولا يمكن ان يلعب في هدوء فهو يتحرك من مكان لاخر ويسبب ازعاجا، والمجموعة الثانية خاصة بقلة الانتباه فيكون هناك تشتت في الافكار وعدم التركيز في الحديث والتنقل من لعبة لأخرى دون الانتهاء منها وعدم قدرة الطفل على استكمال واجباته المدرسية مرة واحدة وايضا ينسى اغراضه أو يفقدها وتكون لديه حالة من النسيان، اما المجموعة الثالثة من اعراض هذا الاضطراب فتتمثل في الاندفاعية كالرد على السؤال الموجه له قبل استكماله ويقاطع الاخرين ويقوم باخطاء غير متعمدة في الاختبارات، ضعف القدرة على تنظيم مشاعرهم وردود افعالهم والأطفال المصابون بقصور الانتباه وفرط النشاط قد يكونون اذكياء ويتمتعون بقدرة اكاديمية عالية ولكن بسبب تشتت الانتباه والاندفاعية لاسيما اثناء الاختبارات يكون أداؤهم منخفضا لانهم اشخاص يشعرون بالملل سريعا فيسلمون الاختبار بسرعة أو لا يقرأون الاسئلة بحرص دون مراجعة الاجابات بما يعرضهم لاخطاء في الاختبار.
وما انواع اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه؟
٭ النوع الاول تكون فيه الاعراض البارزة فرط الحركة والاندفاعية، والنوع الثاني تكون فيه الاعراض البارزة قلة الانتباه فقط بدون فرط الحركة اما النوع الثالث فيكون لديهم اعراض بارزة من النوعين فرط الحركة والاندفاعية مع قلة الانتباه.
في أي عمر يبدأ ظهور فرط الحركة وقلة الانتباه لدى الأطفال؟ ومتى يجب ان يستشير أولياء الأمور الأطباء بهذا الخصوص؟
٭ الدراسات اثبتت ان بداية المرض تكون ما بين سنتين و3 سنوات ولكن الاكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين تسمح لنا بالتدخل بالعلاج الدوائي من عمر 4 سنوات اما في عمر السنتين فيمكن ان نساعد ولي الأمر بالعلاج السلوكي وتغيير طريقة التربية بما يتناسب مع حالة الطفل.
ويجب استشارة الأطباء المتخصصين في حالة ظهور أي من الاعراض التي ذكرناها.
ما أسباب الاصابة باضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه؟
٭ الاضطراب هو مرض وراثي بنسبة 75 إلى 80% ولا يعني بالضرورة اصابة احد الوالدين بالمرض فاضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه هو عبارة عن مجموعة من الجينات المعقدة وليس جينا واحدا وبالتالي فيمكن ان يكون الجين من الاب أو الام أو العم أو الجد واجتمعت عنده الجينات واصيب بالاضطراب، ولكن يختلف الاضطراب من طفل لاخر على حسب البيئة المحيطة ومقدار المساعدة التي قدمت للطفل من المحيطين به.
من الأسباب الأخرى: التعرض لتعقيدات الحمل والولادة، قلة وزن المولود، التدخين اثناء الحمل وغيرها من المشاكل التي قد تؤثر على تطور الدماغ.
ما الخطة العلاجية لهذا الاضطراب (سواء جلسات علاجية أو تدخل دوائي) وهل يمكن الشفاء منه تماما؟
٭ نبدأ اولا بتحديد الأسباب التي ادت لهذا الاضطراب ونتأكد من ان الاعراض المصاحبة له تحدث في أكثر من مكان في المنزل والمدرسة والنادي وليس في مكان واحد فحسب، وبعد التشخيص يأتي دور العلاج الذي يكون عبارة عن جزأين علاج سلوكي وعلاج دوائي، والعلاج السلوكي هو محاولة للتغيير في التربية وتوعية أولياء الأمور بكيفية التعامل مع أطفالهم المصابين بهذا الاضطراب ومن اهمها التركيز على الوقت الذي يكون فيه انتباه الطفل عاليا ويتم تدريسه في هذا الوقت فقط ومن ثم يتم منحه فترة راحة ومن ثم يعود لاستكمال واجباته سيأخذ وقتا اطول ولكن سيركز بشكل أكبر.
وفي المدرسة يجب الا يقوم المعلم بتأنيب الطفل على عدم تركيزه ولكن يمكن ان يستخدم وسائل حديثة للفت انتباه الطفل لما يقوله المعلم داخل الفصل بدون ان يلاحظ الأطفال الاخرون ويعطيه مهام تجعله يتحرك داخل الفصل، كما ان هناك التدخل الدوائي ومعظم الدراسات اكدت اهمية العلاج الدوائي في علاج فرط الحركة وقلة الانتباه والدواء يحتوي على منشطات تساعد المخ على التركيز، والادوية التي نستخدمها لعلاج الاضطراب تعالج الكثير من الاعراض ومعظم الأطفال يتجاوبون مع العلاج الدوائي ولكن كأي دواء اخر هناك اعراض جانبية للدواء ومنها التأثير احيانا على نمو الطفل أو وزنه ولكننا نختار الدواء الذي تكون منفعته اكثر من الضرر الذي قد يتسبب به.
هل اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه يمكن ان يشفى منه الشخص تماما وعند أي عمر يمكن ايقاف استخدام الدواء؟
٭ اثبتت الدراسات ان 80% من الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه يستمر لديهم المرض حتى سن المراهقة، في حين ٦٠٪ ممن يستمرون في تلقى العلاج بعد المراهقة يستمرون في ذلك مدى الحياة، مع اختلاف الاعراض ففرط الحركة يقل مع تقدم العمر اما بالنسبة لقلة الانتباه فتستمر حتى مع تقدم العمر واحيانا يتعرض المصابون بقلة الانتباه لمشاكل في العمل والزواج وفي علاقاتهم مع الاخرين، اما ايقاف الدواء أو استمراره فمرتبط بتطور الحالية المرضية للشخص.
هل هناك اغذية يجب ان يبتعد عنها المصابون باضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه؟
٭ الدراسات لم تجزم بشكل قاطع بوجود أي علاقة بين الغذاء بشكل عام ومرض فرط الحركة وقلة الانتباه ما عدا أوميغا 3 الذي قد يساعد على التركيز.
من ناحية أخرى هل من يعانون من فرط النشاط والحركة يتميزون بسمات ابداعية؟
٭ اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه يكون مصاحبا له أمراض أخرى ومنها صعوبات التعلم واعراض سلوكية غير مرغوب فيها أو قلق أو اكتئاب ولكن عندما يكون الطفل مصابا فقط باضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه تكون نسبة ذكاء هؤلاء الأطفال اعلى من الاخرين في معظم الاحيان ويكونون اكثر ابداعا ولديهم قدرة على الابتكار.
دكتورة هل تنصحين بانواع معينة من الرياضات يمارسها المصابون بفرط الحركة؟
٭ ممارسة أي نوع من الرياضة تساعد على تغذية الدماغ بحيث تزيد التشابك بين الخلايا العصبية، وممارسة الأطفال للرياضة تفرز لديهم هرمون السعادة وتفرغ طاقتهم وتساعد على زيادة تركيزهم، وليس فقط الرياضة ولكن ايضا ممارسة اليوغا والتأمل التي تساعد على التركيز والقضاء على القلق والتوتر بشكل عام.
نصائح لا غنى عنها
قدمت د.بيبي العميري مجموعة من النصائح لأولياء أمور الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه، بان يتقبل طفله الذي يعاني من ذلك ومراجعة الطبيب المختص للتشخيص والعلاج وتثقيف نفسه في كيفية التعامل مع هذا الطفل، كما انصحهم بعدم توجيه اللوم للطفل واتهامه بانه متعمد القيام بمثل تلك التصرفات، ولابد ان يعي أولياء الأمور ان الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة وقلة الانتباه هم اكثر حاجة للتنظيم، وأنصحهم ايضا بالسيطرة على اعصابهم وعدم تعريض أبنائهم للايذاء النفسي أو اللفظي أو الجسدي بسبب اصابتهم باضطراب فرط الحركة، فنسبة انتشار المرض تتراوح ما بين 4 و12% وهي نسبة كبيرة جدا.
