يمدح السوق من ربح فيه – بقلم : مشعل السعيد
هذا مثل شعبي دارج نتمثل به إزاء موقف معين، ومعناه أن التاجر إذا كانــــت بضاعته رائجة ورابحة مدح السوق وأثنى عليه، وإذا كانت عكس ذلك ذم السوق وشانه، وبما أن المداحين من أصحاب المصالح كثر في زمننا هذا، فلا بد من كلمة حول هذا الموضوع، لذلك أقول إن هؤلاء المداحين جعلوا المدح بضاعة لهم وسلعة يسترزقون بها على حساب دينهم وذمتهم وأخلاقهم، فيكيلون المديح والثناء لمن لا يستحق، حتى انهم يقبحون الحسن ويحسنون القبيح.
وقد راجت هذه البضاعة الفاسدة مع الأسف وصار لها سوق ومريدون، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من ذلك فقال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في أعينهم التراب» (حديث صحيح). وكل رجل عاقل لا يصغي لأقوال هؤلاء المداحين ولا يعيرهم اهتمامه لأنهم كذابون يمدحون بالباطل لأغراض دنيوية نعلمها، وليس القصد فيما أقوله مدح الرجل والثناء على من يستحق، ولكن المقصود الكذب على الله في مدح من لا يستحق المدح، فقد كان أبوبكر الصديق رضي الله عنه يقول لمن يمدحه: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرا مما يظنون.
وقد مدح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال: أنا والله ما علمتكم إلا تقلون عند الطمع، وتكثرون عند الفزع. وقد قال زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه: لا يقول رجل في رجل من الخير ما لا يعلم إلا أوشك أن يقول فيه من الشر ما لم يعلم. وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول: لا أزكي على الله أحدا. وعلينا أن نعرف ان المداحين من أدهى وأمكر الناس، لا مبدأ لهم ولا خاتمة، يريدون الوصول الى مآربهم وأهدافهم ومصالحهم الدنيوية بأي وسيلة، خاصة أن طريقة المدح لا تكلفهم سوى كلمات منمقة ليس إلا، يقول عمران بن حطان:
أيها المادح العباد ليعطى
إن لله ما بأيدي العباد
فاسأل الله ما طلبت إليهم
وارج فضل المقسم العواد
لا تقل في الجواد ما ليس فيه
وتسمي البخيل باسم الجواد
ودمتم سالمين.