سماع صوت مشاعرك لا صدى كلماتك – بقلم : معاذ عيسى العصفور
الحروف التي تنثر والكلمات التي تكتب والجمل التي تسطر، قد اكتظت بها المجلدات، وازدحمت بها الأرفف، وضاقت بها المكتبات، وعلاها الغبار.
المفكرون والأدبـــاء، والمشايخ والعلماء، والاقتصاديون والساسة، والممثلون والمخرجون، أصبحوا ملء العين والبصر، لا نستطيع حصرهم ولا يمكن عدهم.
يقولون كلما زاد الــشيء وكثر، ارتفعت المعايير، وعلت المقاييس، وأصبح البقاء والديمومة لمن يتميز ويتفرد ويأتي بشيء جديد.
ذائقة الناس صارت صعبة، واختياراتهم أضحت محدودة، وانتقاءاتهم أصبحت دقيقة.
يقول أحدهم كنت أحاول الدخول في أحد المجالات الفنية فرفضت بسبب مظهري وطريقة كلامي، لكن وبعد مرور فترة من الزمن قمت بتقديم محتوى خاص على برامج التواصل الاجتماعي وصار لدي متابعون كثر، وأصبحت كلماتي وعفويتي تلامس الجميع، فقام من في المجال الذين رفضوا دخوله والاستعانة به، بالاتصال عليه وطلب التعاون معه.
كيف تتفرد؟، وبماذا تتميز؟، وهل تستطيع تقديم شيء يلامس الجميع؟، نحن في زمن كثرت فيه المادية المقيتة، والحياة الجادة القاسية، والجفاف العاطفي المؤذي، فإذا استطعت أن تلامس وتنبش وتضع يدك على قلوب الناس قبل عقولهم، وعلى أفئدة الناس قبل أسماعهم، استطعت الوصول إلى مرادك، فالناس تريد سماع صـــوت مشاعرك لا صدى كلماتك.
كثير من الكتاب اشتهر بكتاب واحد فقط، وكثير من أصحاب الأصوات الجميلة تفردوا بمقطوعة واحدة، وبعض الخطباء والمفوهين اشتهروا بخطب عصماء قليلة.
اكتب وأظهر مشاعرك وأحاسيسك الصادقة للناس، فهي التي ستكون العلامة الفارقة في تأثيرك ووصولك لهم، فالناس قد ملت وسئمت من الكلام المصفف والمنمق والمزخرف.
لذلك، اكتب وأنت حزين، اخطب وأنت متألم، قابل الناس وأنت متوجع، فحينما تدافع أمرا داخليا، سيكون انعكاسه ظاهريا يفوق الوصف، وستأثر بالآخر من حيث لا تعلم، فالعظماء خرجوا من رحم المعاناة.