أمل جديد للكشف المبكر عن سرطان الثدي
أسفرت نتائج دراسة بحثية أميركية أُجريت على أكثر من مليون سيدة عن أن تقنية «التخليق المقطعي ثلاثي الأبعاد» أكثر فاعلية في الكشف عن سرطان الثدي، وذلك مقارنة باستخدام التصوير الشعاعي القياسي ثنائي الأبعاد.
وتعتمد آلية عمل تقنية «التخليق المقطعي ثلاثي الأبعاد» على وضع كل ثدي بمفرده في منطقة الأشعة السينية والضغط عليه؛ حيث يتم التقاط مجموعة من الصور ويتم إدماجها معاً بواسطة الكمبيوتر على هيئة مجموعة من الشرائح الرقيقة التي تقدم صورة كاملة ثلاثية الأبعاد لأنسجة الثدي.
وقالت البروفيسور إيميلي كونانت، أستاذ الأشعة رئيس قسم تصوير الثدي في مستشفى جامعة بنسلفانيا، والمشاركة في الدراسة: «تكتسب الدراسة أهمية كبيرة بسبب الحجم الكبير للعينة؛ إذ اعتمدت على تتبُّع مليونين و528 ألفاً من الصور الشعاعية للثدي من مليون و100 ألف و447 سيدة تراوحت أعمارهن بين 40 و79 عاماً بمتوسط أعمار بلغ 57 سنة».
وأضافت كونانت: «تم جمع البيانات من مراكز طبية موزعة على جميع أنحاء الولايات المتحدة، واستهدفنا تقييم نتائج الفحص بين مجموعة كبيرة من النساء في الولايات المتحدة اللاتي تم فحصهن إما عن طريق التصوير الشعاعي ثنائي الأبعاد وحده وإما عن طريق تقنية التخليق المقطعي ثلاثي الأبعاد».
وتابعت: «فحص التصوير الشعاعي القياسي ثنائي الأبعاد لايزال التقنية المستخدمة بمراكز الكشف في أماكن كثيرة، ولكن هناك بعض التحفظات على نتائجه التي ترتبط بعدم قدرته على اكتشاف بعض أنواع السرطان. وفي المقابل، فإن التخليق المقطعي للثدي هو تقنية أكثر تقدماً؛ لما له من إمكانات في اكتشاف معدل أعلى لسرطان الثدي، نظراً لقدرته على التقاط صور متعددة بالأشعة السينية من زوايا مختلفة بدلاً من الصورة الفردية النمطية التي يتم الحصول عليها باستخدام صورة ماموغرام ثنائية الأبعاد، كما أنه مفيد بشكل خاص للنساء ذوات أنسجة الثدي الأكثر كثافة».
ومن أجل التوصل إلى هذه النتائج، أخضع الباحثون عينة البحث للفحص بواسطة التخليق المقطعي للثدي والتصوير الشعاعي القياسي للثدي، ثم عمل الفريق البحثي على مقارنة نتائج الفحص بين مجموعتي الفحص.
وعن ذلك قالت كونانت: «كان معدل اكتشاف السرطان للنساء اللاتي تم فحصهن باستخدام التخليق المقطعي ثلاثي الأبعاد أعلى؛ إذ بلغ 5.3 حالة من بين كل ألف حالة تم فحصها بهذه التقنية مقارنة بـ4.5 حالة من بين كل ألف حالة تم فحصها باستخدام التصوير الشعاعي القياسي ثنائي الأبعاد فقط. لذا فإننا نوصي النساء بالبحث عن المراكز الطبية التي تعتمد على فحص سرطان الثدي باستخدام التخليق المقطعي بشكل روتيني».
ورداً على سؤال حول مدى إمكانية وصول هذه التقنية إلى المجتمعات الفقيرة، قالت كونانت:«لم نبحث تلك المسألة، لكن التكنولوجيا المطلوبة لاستخدام التخليق المقطعي تكلّف أكثر من تكلفة وحدة التصوير الشعاعي للثدي ثنائية الأبعاد فقط، وستكون الخطوات التالية هي دراسة مجموعات فرعية من المرضى في مجموعة البيانات الكبيرة هذه ومراقبة النتائج على المدى الطويل».
ووفق الدراسة التي نشرتها دورية «راديولوجي،» يُعد سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من انخفاض معدل وفيات سرطان الثدي منذ أواخر الثمانينات بسبب تحسُّن وسائل اكتشاف المرض والعلاج المبكر، فإنه لايزال السبب الرئيسي للوفاة بالسرطان لدى النساء.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً مع أكثر من 2.2 مليون حالة في العام 2020، وأن امرأة واحدة من بين كل 50 امرأة تُصاب بسرطان الثدي في حياتها، وأن معدل البقاء على قيد الحياة بعد الإصابة بسرطان الثدي لمدة خمس سنوات يبلغ 90 في المئة في البلدان المرتفعة الدخل، في حين لا تتعدى نسبته 66 في المئة في الهند و40 في المئة في جنوب أفريقيا.
وتؤكد جمعيات السرطان في أوروبا والولايات المتحدة وكندا على أن الفحص المنتظم هو الطريقة الأكثر موثوقية للكشف المبكر عن سرطان الثدي.