بيرات والوافدون! – بقلم : مشاري المطيري
قصدت مجموعة صغيرة مكونة من 4 سائحين إيطاليين مطعما صغيرا بمدينة بيرات التاريخية في ألبانيا، وغادروا خلسة دون أن يسددوا فاتورة ما تناولوه من طعام والبالغ قيمته 80 يورو فقط، قد تبدو هذه الحادثة متكررة ومعتادة في المطاعم، ولكن في هذه الواقعة بالتحديد كان هناك أمر خارج عن المألوف أو المتبع في التعامل مع تلك الوقائع والتي عادة ما يتم نسيانها لعدم تمكن أصحاب المطاعم من ملاحقة زبائنهم الهاربين من السداد.
في بيرات لم يمر الأمر مرور الكرام، وبالرغم من أن الحق المالي في هذه الواقعة يعد ملكية شخصية تعود إلى أفراد وليس حقا عام تمتلكه الدولة، إلا أن رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما لم يتردد في ذكر الواقعة خلال زيارة رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني لبلاده، لتتدخل في الأمر وتصدر قرارا بسداد قيمة الفاتورة من خلال سفارة بلادها في ألبانيا، الحادث في مجمله قد يعد بسيطا، إلا أنني أعتبره واقعة ملهمة للحكومات الأخرى.
وفي كويتنا الغالية أصدر الشيخ طلال الخالد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية قرارا شجاعا يحفظ للدولة هيبتها ويحفظ للشعب حقوقه، يطبق القرار من خلال وضع حظر ومنع من السفر للوافدين الذين سجلت ضدهم مخالفات مرورية وفواتير الكهرباء والماء ولم يقوموا بسدادها، وفي الماضي كانت الدولة تتكبد خسائر فادحة جراء عدم تمكنها من تحصيل قيمة تلك المخالفات والتي بلغت بحسب ما أدلى به من تصريحات 10 ملايين دينار بالعام الواحد.
وكما يقال أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا، فهذا القرار المتأخر سينضم إلى موارد الدخل الاقتصادية للدولة، ففي اليوم الأول لتطبيقه تم تحصيل 35 ألف دينار من الوافدين المغادرين، كما أن القرار سيشكل رادعا للوافدين من مختلف الجنسيات أمام مخالفة القانون والظن أن مغادرة البلاد ستساعدهم على التهرب من سداد قيمة مخالفاتهم.
وهنا يحضرني سؤال، ما مصير المخالفات القديمة التي صدرت بحق وافدين غادروا الكويت دون العودة مجددا، هل سيتم اعتبارها ديونا معدمة، أما أننا سنستلهم من واقعة «بيرات» وتقوم الحكومة بمخاطبة سفارات الدول والاتفاق على وضع آليات لمخاطبة رعاياهم في بلادهم، ليقوموا بدفع مخالفاتهم؟!.
أظن أن ذلك القرار بمنزلة طرف الخيط لمجموعة من القرارات التي تحفظ للدولة حقوقها، وترغم الوافد المخالف على احترام قوانين الدولة، ويرد الوفاء للبلد الذي وفر له فرصة عمل، وجعلته يتنعم بخيراتها.