درجة الاستجابة! – بقلم : معاذ عيسى العصفور
يقرأ أحدنا كتابا فيغير له حياته، يعتدل منهجه، وتتغير طريقة تفكيره، ونظرته للأمور، ويزداد وعيه، فيخرج منه باستفادة كبيرة. نفس الكتاب يقع في يد آخر فلا يحرك فيه ساكنا، ولا يغير من أوضاعه، كأن ما قرأه حبر على ورق لا قيمة له.
***
تجد متكلما بارعا، ومتحدثا لبقا، يمتاز بأسلوب شيق وطريقة طرح ساحرة في إيصال الفكرة، فيتأثر به كثير من الجمهور، وينصت له كثير من المتابعين، ومع كل الإمكانيات والقدرات التي حباها الله عز وجل لهذا الشخص تجد البعض لا يتفق على أنه يملك هذه المواهب والقدرات.
***
ما الذي يجعل ردات الأفعال لما نستقبله تختلف، ودرجة الاستجابة تتفاوت، ومدى القبول يتباين، لماذا لا يتأثر كل الناس بالكلام الطيب، ويستجيب جميع البشر للنصح الصادق، لماذا لا يكون الجميع على نفس الدرجة من الوعي والاستجابة والقبول.
***
أنا لا أتحدث عن الأذواق التي لولا اختلافها لبارت السلع، ولا عن القمة التي تتسع للجميع، ولا عن الاختلاف الذي إن وقع لا يفسد للود قضية، حديثي عن اختلاف حاسة الاستشعار، ومدى الاستجابة، وفهمنا للكلمات، والأثر المترتب، والتطبيق العملي.
***
هذا الاختلاف يعطي انطباعا أن البذرة الطيبة لا تنبت في كل الأراضين، وأن الماء العذب واللقمة اللذيذة لا يستطعمهما ويستسيغهما المهموم والمريض، وأن الخير الذي عم البشرية يوجد من سيستثنى منه.
***
درجة التفاوت في الاستجابة والتأثر تدعو للتساؤل والتفكر، أحيانا درجة الاختلاف تعود للمرجعية، ودرجة القبول تعود للخلفية، فما نؤمن به اليوم هو نتيجة ما تشربته عقولنا وأفئدتنا لفترات طويلة.
***
لنحرص على إيجاد بيئة صالحة، وأرض طيبة، ومحيط ناصح، حتى نجد العون، وتنبت زهرة، ونحصل على نصيحة صادقة.