كل يوم يمر بنا نفتقد أخا أو قريبا أو صديقا عزيزا، ولا شك أننا سنُفتقد عما قليل، هذا حال الدنيا، فأعمارنا وإن طالت تقف عند حد معين، قضى بذلك الحي الذي لا يموت:
وما الدهر والأيام إلا كما ترى
رزية مال أو فراق حبيب
وقد رحل عن عالمنا الفاني شاعر وفنان كبير وأخ عزيز، ترك إرثا فنيا ضخما، إنه المغفور له ،بإذن الله تعالي، يوسف ناصر محمد المسفر، رحمه الله، أبومحمد صديق الجميع ومحب الجميع، صاحب القلب الأبيض الذي لا يرد الإساءة بمثلها، يوسف ناصر الإنسان المتواضع محب الخير وعاشق الوطن، صاحب الأغاني الجميلة التي رددتها الأجيال جيلا بعد جيل، يوسف ناصر الشاعر المثقف الذي يحسن اختيار كلمات أغانيه، فتجد فيها اللهجة الكويتية الجميلة واضحة، يوسف ناصر ابن الكويت البار الذي أثرى الساحة الغنائية بعشرات الأغاني الناجحة، وقد ربطتني به علاقة طيبة وصداقة ومحبة تجاوزت الثلاثين عاما، خاصة أننا نجتمع في محبة القراءة واقتناء الكتب، فأستعير منه الكتب التي لا أجدها عندي ولا أعيدها إليه، ولا يقول شيئا.
كنا نجتمع في منزله بمشرف بما يشبه الصالون الثقافي في ديوانه بين شاعر وأديب وكاتب وصحافي ومطرب خاصة في ليالي رمضان، فكان يستقبلنا بحفاوة ورحابة صدر، ولا عجب في ذلك، فقد نشأ هذا الرجل في بيئة صالحة طيبة مباركة، أثرت فيه تأثيرا كبيرا، فوالده أشهر من نار على علم، فهو الملا ناصر بن محمد المسفر، صاحب المدرسة الأهلية المعروفة في الماضي.
أما مسيرته الفنية فحدّث عنها ولا حرج، تجاوزت النصف قرن، حصد خلالها النجاح تلو النجاح، وكل ما قدمه من أغان ظل عالقا في ذاكرة الفن الكويتي منذ أغنيته الشهيرة «آه يالاسمر يا زين» وسيظل نجما أضاء سماء الفن الكويتي.
رحمك الله أبا محمد وغفر لك، ونعزي أبناءه وأسرته الكريمة، ونعزي أنفسنا بفراقه، والحمد لله على السراء والضراء، ودمتم سالمين.
