نقاء السريرة رقي وسعادة – بقلم : فاطمة المزيعل
هناك راحة استحالة أن يشعر بها صاحب النفس المريضة، وصاحب العقل المشوه المشوش الفاسد، ذلك طبعا بسبب الضجيج الذي يعج بداخله، وبسبب نقصه وعدم تناغم فكره، واختلاف توافق باطنه مع ظاهره، لذا قد تراه أحيانا كالتائه يمشي متخبطا بلا دليل، معتقدا أنه يقترب من مبتغاه، وفي الواقع هو يبتعد، ويبتعد كثيرا!
فما هو إلا عبارة عن معيق لخطواتك يجب ألا تتأثر دماغك به، ستجده يعيب اهتماماتك لأنه لم يستطع الوصول إليها، سيذم وينتقص أفعالك لأنه يعجز عن مجاراتها، سينتقد تصرفاتك وسلوكياتك لأنه لم يتحل بها، ولا مبرر له على ذلك سوى سوء ظنه وكرهه وحقده، وكأن تميزك ونجاحاتك تحد من سعادته وكل ما يبهجك ينتقص من بهجته.
فلا تستغرب أبدا ان وجدته يجهل حتى مفاتيح شخصيته، تلك التي من خلالها يستطيع أن يرسم وبصورة واقعية وصحيحة حياته.
فتلك الفئة التعيسة من الأشخاص دائما ما تجدهم يجتهدون بل يتلذذون بكسر ذوات وتحطيم الآخرين بهدف إحباطهم، ذلك وبسبب تلك الدوامة الغائمة التي أدخلوا أنفسهم بها، والتي زادت من حسدهم وغيرتهم، وأغرقتهم في تفاصيلها، وبسبب نرجسيتهم البشعة وبسبب أنانيتهم، التي أعمت قلوبهم قبل أعينهم.
أشخاص مرضى منافقون، متناقضون كارهون، مغتاظون، لا يتمنون الخير لغيرهم أبدا، مصابون بوباء الغيرة والحسد، وكم يزداد هذا الوباء لديهم وبالأخص عند رؤيتهم لأشخاص ناجحين ومتميزين وسعيدين في حياتهم.
فعليك ان تتأكد ان لم تكن شخصا متصالحا مع نفسك، قانعا بما قسمه الله سبحانه وتعالى لك، ستتحول حياتك إلى صراع طويل لا نهاية له، صراع يجعلك تتوه فيه كسلعة تبحث عمن يروج لها ويدلل عليها، وهذا بحد ذاته يكفي بأن يقودك إلى مرتع وخيم.
ذلك وبسبب في الشخصية من نقص وفي العقلية من قصور، وقسوة الأنانية المبعثرة.
فكن على يقين تام أن سياستك تلك وتصرفاتك، لن ترفعك فوق البشر أبدا بل ستخفضك، وللنبذ الاجتماعي ستعرضك، بسبب مفاهيمك المعقدة المستلة من تجشمك وتعنتك، وكأنك تقول للعالم بما فيه «أنا ومن بعدي الطوفان»!
فالذين يريدون العلو بذواتهم من خلال حقدهم، أنانيتهم، حسدهم، غيرتهم، سيسقطون وستظهر حقيقتهم ولو طال الزمان، لذلك لن تطمئن نفسك، ولن يهدأ بالك، ولن تتخلص من ضجيج قلبك، إلا بتصالحك مع ذاتك، لتحقق ذلك السلام الداخلي، الذي بات من الأمور الصعبة وشبه النادرة إلى حد ما في زمننا هذا.
أخيرا، الايام تدور والأحوال تتقلب، فاعلم انك بطيب ونقاء سريرتك سترتقي وستحظى بالبهجة والسعادة والامل، وستشع انت بأثرك الطيب على الآخرين حولك وستحظى بذلك النعيم الذي لا يمل.