يقول الأستاذ سليمان السهلي الخبير والمستشار الزراعي في تغريدة جميلة عن زراعة عمرها 200 سنة في السعودية اسمها زراعة «البعول»:
«بدأ أهالي الشماسية بزراعة البعل، وهي زراعة القمح على مياه الأمطار. وهذا عرف زراعي منذ مئات السنين متى ما هطل المطر وسالت الشعاب في بداية الوسم. أرض ببلاش والري ببلاش والبركة من الله سبحانه. وموعد زراعة القمح المفضل من بداية شهر نوفمبر حتى منتصف هذا الشهر».
الأستاذ السهلي يتكلم عن نظام زراعي موجود في دول الشرق العربي مثل الأردن وفلسطين وسورية ومصر، حيث يقوم الأهالي باختيار قطعة ارض كبيرة غالبا خارج القرى والتنظيم العمراني ويحرثونها ثم يبذرونها ويحمونها من الرعي الجائر من الغنم والإبل، وذلك قبل موسم الأمطار أو حتى أثنائها، فيحصلون بعد إذن الله على محصولات زراعية تعرض بأضعاف تلك التي تأتي من المزارع بحكم أن سمادها عضوي وماءها من ماء المطر.
نحن في الكويت تأتينا كل سنة مواسم أمطار جميلة تسيل فيها اغلب صحراء البلد، لدرجة تكوّن بحيرات كبيرة وعملاقة، لكن مع الأسف مصيرها تنشف وتجف بعد فترة دون الاستفادة منها.
ما أقترحه هو أمر مشابه للزراعة «البعلية» في السعودية وبعض الدول العربية، لكن الهدف مختلف.
ليكن هدفنا في أول سنة من باب التجريب وزيادة المعرفة غطاء نباتي أخضر يمسك التربة الصحراوية ويخفف من العواصف الرملية التي تدفن الطرقات السريعة وتهاجم الضواحي على شكل عواصف ترابية مزعجة تنعدم فيها أحيانا الرؤية لدرجة تتوقف معها حركة الطيران وحركة السفن في الميناء، وهو أمر فيه تداعيات اقتصادية كثيرة.
أتردد كثيرا في الدعوة إلى حملات تطوعية لأن التطوع عندنا في الكويت غالبا يكون (هبة) أو انطلاقة سريعة أو حماسية ثم تهدأ وتخبو بعد فترة. أتمنى تنفيذ هذا الأمر على أيدي معهد الكويت للأبحاث العلمية أو مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بحكم الخبرات العلمية الموجودة لديهما، وكذلك بحكم ضخامة الملاءة المالية لكليهما.
يقوم أحدها أو كلاهما بالتعاون باستخدام آلات الحرث الحديثة التي تستطيع حرث كيلو واحد خلال 5 دقائق وينشرونها في جزء كبير، ويفضل الجزء الشمالي من حدودنا مع الجارتين العراق والسعودية. هذه الآلات الزراعية الحديثة تقوم بحرث وبذر الأرض بنفس الوقت، بل انك تستطيع عمل كل كذلك عن بُعد عن طريق برمجتها واستخدام الكمبيوتر للتحكم فيها، فعلم الزراعة تقدم كثيرا.
لتكن هذا السنة بمنزلة تجربة وتعلم وتوعية لنا بميزات هذه الطريقة، لنعمل على تحسينها في السنوات القادمة ونطورها حتى نصل للهدف الأقوى والأخطر برأيي، وهو زراعة القمح، وهو أمر ليس مستحيلا، فقد عملها الأهالي في الشقيقة السعودية على مدار 200 سنة ونجحوا، وهو أمر مشجع لنا لتشابه ظروفنا الجوية.
وهو أمر كذلك أتمنى تطبيقه على البراحات الكبيرة الفارغة وسط ضواحينا. فقط عمال يحرثون الأرض ثم ينثرون السماد ويخلطونه مع بذور الثيل أو أي نبات آخر يعطي غطاء أخضر حتى لو كان الشعير. والنتيجة ظهور مسطحات خضراء جميلة بعد أسبوع بالضبط بإذن الله مكان تلك البراحات الصفراء.
نقطة أخيرة: تبدأ الأمور الكبيرة بحلم ورؤية ثم بهمة وعزم حتى يتحقق على أرض الواقع.
لنبدأ الزراعة «البعلية» في الكويت.
ghunaimalzu3by@
