في الفترة الماضية تم الإعلان أكثر من مرة عن اكتشاف أشكال مختلفة من متحورات فيروس كورونا الذي ضرب العالم في نهايات العام 2019 وتسبب في شلل تام بجميع دوله على مدى 2020 وجزء كبير من العام 2021.
من أهم تداعيات هذا الفيروس، غير الصحية، كان ما سببه من وقف نقل البضائع والسلع الغذائية بين الدول، وهو ما أدى إلى أزمات غذائية في مناطق عدة نتيجة النقص في الأغذية لاسيما في الدول التي تعتمد على الاستيراد في تلبية معظم احتياجاتها.
تذكرنا ملامح هذه الأزمة مع صدور قرار وزير التجارة والصناعة محمد العيبان المتعلق بدراسة عملية الهدر في الطعام، فهذا الموضوع بالإضافة إلى أنه خطوة إيجابية كون الهدر والإسراف من الأمور المذمومة في كل الثقافات والشرائع، إلا أنه يمس مسألة الأمن الغذائي أيضا، لأن إهدار الموارد قد يكون سببا في مشكلة تحدث بعد ذلك بسبب نقصها.
من هذا المنطلق، فإننا نشيد بهذه الخطوة ونتمنى ان يحقق هذا القرار بتشكيل لجنة تصميم وتنفيذ الحملة الوطنية لترشيد الاستهلاك الغذائي الهدف المرجو منه، وأنت تخرج علينا اللجنة بعد انتهاء فترة عملها المحددة وفق القرار بشهرين، بنتائج تسهم في الحد من ظاهرة هدر الطعام.
وأود هنا أن أركز على أهمية البند الثالث من مهام اللجنة المتمثل في «تصميم وتنفيذ حملة توعية عامة لتوعية المواطنين والمقيمين بشأن الآثار البيئية والاقتصادية الناجمة عن هدر الطعام» وذلك لما للتوعية والتعريف بأي مشكلة وأبعادها من دور مهم في حلها.
لا يعني ذلك أن البندين الآخرين أقل أهمية، فالأول الذي ينص على إجراء بحث شامل حول إحصائيات هدر الطعام الحالية والاتجاهات والعوامل المساهمة على المستوى الوطني لابد وأنه سيثمر معرفة أسباب هذه الظاهرة، وهو ما يمثل خطوة مهمة في علاجها. أما المهمة الثانية فتتمثل في إجراء دراسات لتحليل السلوك الاجتماعي والدوافع وراء المفاهيم الخاطئة في ظاهرة الهدر في الغذاء وسبل معالجتها، فإنها ضرورية في سبيل التعرف على جذور هذه السلوكيات المرفوضة وما يقف خلفها من دوافع. وكل من هذه الأمور حال تنفيذها كما ينبغي ستؤدي في النهاية للتقليل من هذه الظاهرة السلبية والقضاء عليها تدريجيا حتى تتلاشى تماما.
كلمة أخيرة: يقولون «رب ضارة نافعة» وربما يكون من منافع جائحة كورونا إلقاء الضوء على هذه السلبيات لنتعلم كيف نعالجها ونتجنب تكرار أخطائنا أو الوقوع في أخطاء وقع فيها الآخرون.
