خلف الثراء .. بقلم : فاطمة المزيعل
يقول أحدهم إن الطواويس البشرية لا يختلف حالها عن الطواويس ذات الريش، ترى الطاووس من هؤلاء يجر ذيلا كبيرا عريضا من الثراء وترى الطاووس الثاني يجر ذيلا أكبر من الشهرة، وترى الطاووس الثالث يحمل ذيلا هائلا من النفوذ، تحاول أن تجد شيئا خلف الثراء، فلا تجد وتنقب عن إنسان خلف الشهرة فلا تعثر عليه، وتسعى إلى التعرف على روح بشرية خلف النفوذ فلا تجدها، والمأساة الحقيقية أن هذه الطواويس لا تدري أنها تحولت إلـــى مجرد ذيول… لذيلها الجميل!
وفي المقابل هناك طائر صغير وبسيط يتنقل من مكان إلى مكان في خفة النسيم، لا ينظر خلفه بحثا عن شخص يعجب بذيله، ولا يلتفت حواليه منتظرا شخصا يصفق له
ويمجد به، ولا يرائي ويتصلف على غيره، وشبيه هذا الطائر البسيط في دنيا البشر هو ذلك الإنسان الذي لا ينوء بأغلال ثروة طائلة أو شهرة طائرة بسبب حبه للظهور بدور المتفوق المتميز دائما، أو منصب أو سلطة طاغية، هو ذلك الذي يعيش حياته حرا طليقا لا يستعبده ذيل ملون رائع!
تأكد أن غالبية من لديهم عقدة النقص من المتكبرين واعون ومستبصرون بأنفسهم بأن قيمتهم ومكانتهم واحترامهم لا يمكن أن يحصلوا عليها إلا من خلال تكبرهم وتغطرسهم وغرورهم وممارسة فوقيتهم على الآخرين.
والشخص المتكبر – في حقيقة الأمر- هو إنسان تافه في كلامه سفيه وأرعن في تصرفاته ووضيع، مهما كان هذا الانسان متعلما أو غير متعلم، غنيا أو فقيرا، كبيرا أو صغيرا، إلا انه يبقى ناقصا والدليل على نقصانه انه تجرأ على صفة من صفات الله سبحانه وتعالى ألا وهي صفة التكبر فهو وحده سبحانه (المتكبر).
والكثير من تلك العينات موجود بين ظهرانينا، عينات ناقصي العقل والتفكير، سيئي التعامل والتصرفات.
لكن مشكلتنا أحيانا اننا لا نكتشف أولئك الأشخاص، ولا نعرف حجمهم الحقيقي الا بعد فترة من الزمن للأسف.
أي بعد ما يبدأون ينهجون معك فجأة نهجا شاذا أمامك في سلوكهم وتعاملهم وتصرفاتهم، ذلك ومن أجل التغطية على فشلهم وقلة حيلتهم ودناءتهم، لا يختلف حالهم عن حال الطواويس ذات الريش.
وبشكل عام يبقى المتكبر شخصا ضعيفا لا يعرف كيف يكون حرا وربما لا يعي مدى أهمية أن يكون كذلك، يتحرك بمعزل عن إرادته ووجوده ورغباته وحقيقته، موجود نعم لكنه لا يتمتع بثقل ذاتي يفصح عنه.
هو ذلك الذي يريد أن تصل «ذاته»، ويسمع صوته لا أن تصل رسالته، يحمل الرسالة كلما أوصلته ويتركها إذا أثقلته، ويتثاقل كما قيل عند النفير ويسارع حين تأتي الغنائم، أول الحاضرين عند الطمع وآخرهم عند الفزع، أحرص ما يكون على شرف المقدمة وإن لم يكن أهلا لها، طامح للخلود وكم له من أقنعة.