لا شك أن الطفل يولد على الفطرة وديعا تقيا لا تشوبه شائبة، فيبدأ في النمو ويكبر ويتعلم من الوسط المحيط به وكلما ارتقى اكتــسب الكثير من المعارف والعادات والقيم فيصبح لديه وعلى فترات من الزمن كم هائل من الأنماط السلوكية ليعبر عليها جسر التوازن الانفعالي، ليصبح نضجه بعد ذلك على مستوى التكامل النفسي والبدني، فالأسرة في مفهومها هي بناء التكامل لشخصية الفرد لينمو هؤلاء البراعم.. عدة المستقبل وهم في قوتهم الذاتية.
ولقد كنت في أحد الأيام ضيفا على الجانحين (الاحداث) ألقي محاضرة علمية وثقافية في دار الملاحظة التابعة لإدارة الأحداث التابعة لـــوزارة الشؤون الاجتماعية، ولقد انفطر قلبي حزنا على هؤلاء الصبية الصغار الذين رمتهم الاقدار في هذا المكان، وكنت أتفحص هذه الوجوه البريئة التي تحولت الى مآس، فكل من هؤلاء الاطفال في الحقيقة له قصة وفي قلبه «غصة» وقد استطعت ان أنتزع منهم الاعترافات العفوية المليئة بالحسرات وهي قصص مأساوية سببها الاسرة التي انحرفت عن هدفها وهو البناء الحقيقي لهؤلاء الأبناء وهدمت ذلك البناء الذي شيد بفترات طويلة من الزمن، فالتفكك الأسري والطلاق وتعدد الزوجات وغياب الوالدين عن المنزل سببت شرخا كبيرا لا يمكن إصلاحه، وان أصلح فسينضح آلاما نفسية لا يمكنها أن تلتئم من تلقاء نفسها ما لم تكن الأسرة هي المرهم الحقيقي المساعد على شفائها.
فالأبناء أمانة في أعناقنا ونحن مسؤولون عنهم فحتى لا تمتلئ دور الرعاية وسجون الاحداث بفلذات أكبادنا فلابد للأسرة أن تصحو من كبوتها، وأن تبدأ باحتضان أبنائها وبناتها بحنان كبير يدفئهم ويحميهم من هذه البؤر الاجتماعية الفاسدة التي ابتلي بها مجتمعنا الكويتي الأصيل.
