بقلم : إيمان حيدر دشتي
بعد مشاورات أسرية قررنا قضاء اجازة الصيف في لبنان، مع الأخذ بالحسبان بعض الأقاويل التي نسمعها، فقررنا أن يكون موعد وصولنا نهارا لتجنب مخاطر الطرق ليلا، لكن تأخرت رحلة الطيران، فحصل ما كنا نحاول أن نتحاشاه فوصلنا مطار بيروت ليلا، استقللنا طريق الجبل متوجهين للمنزل، وإذ بالسيارة «مش عم تمشي» حيث تمزق الدولاب، فاضطررنا للوقوف على جانب الطريق وبدا القلق علينا فإذا بموظف أمن خاص بصيدلية يسمح لنا بدخول الموقف حتى يؤمنّا من مخاطر الطريق، واذا برجلين لبنانيين يتوقفان لمساعدتنا وتبديل دولاب السيارة، وقاما بمسايرتنا حتى وصلنا لمكان إقامتنا في الجبل، لم تكن الحادثة الوحيدة حيث فقدنا حقيبة يد وإذا باتصال هاتفي من مديرية الأمن يطلب حضورنا لتسلّم الحقيبة المفقودة دون نقص.
كانت هذه المواقف كفيلة بأن تبدد القلق من وجود قصور أمني مع درس للانتباه أكثر، فبدأت جولتنا السياحية في المدن اللبنانية ونحن أكثر اطمئنانا، فكانت البداية الاستمتاع بأجواء الجبل ومقاهي ضيعة حمانا وأفران الخبز والمناقيش، ومن ثم انتقلنا للإقامة في مدينة صور للاستمتاع بالأنشطة المائية هناك وتذوق الأطباق البحرية، ومن بعدها توجهنا إلى زيارة البترون، وهي واحدة من أقدم المدن التاريخية الساحلية والتجول في أزقتها حيث الأسواق والأحياء الأثرية ذات الممرات الحجرية، وختام الرحلة قضيناها مع ست الدنيا بيروت بأسواقها، فبين كل البضائع المستوردة والماركات العالمية هناك ما تبحث عن المنتجات اللبنانية، وتحتار من أين تبدأ وأي مطعم تختار من قائمة المطاعم الموصى بها، ولابد من التوجه شاطئ الزيتونة بعد ركوب الدراجات الهوائية، في الأماكن المتاحة لها.
كان الختام جولة بالقارب حول صخرة الروشة العملاقة، التي تشكلت بهذه الطريقة الفريدة والمميزة نتيجة زلزال قديم، الصخرة التي تشبه في تشكيلها الشعب اللبناني الذي يشكل حالة فريدة من الصمود والتأقلم والتعاون، فكل هذه الأماكن السياحية يملؤها اللبنانيون أنفسهم خصوصا المغتربين بحركة دعم للسياحة في لبنان ومشاريعهم الوطنية بالرغم من استغلال البعض للموسم بزيادة الأسعار، كما يقوم بالتشغيل والعمل في هذه الوجهات رجال ونساء بمختلف الأعمار، دائما يلفت انتباهي كيف يعاود هذا الشعب الوقوف مع قلة الموارد ونقص الإمكانيات فأضاء الطرق بالمصابيح الشمسية، وطبق لائحة التسعير بالدولار لتجنب اختلاف الأسعار وغيرها الكثير من المحاولات والمبادرات الشعبية، التي يتكئ عليها لبنان حتى يمشي.
