بالمختصر المفيد – بقلم : مشعل السعيد
بالمختصر المفيد، ضمائرنا هي التي تحركنا بمشيئة الله تعالى، فلا صوت يعلو على صوت الضمير، فهو الحاكم بأمره، وإذا مات ضمير الإنسان توقف عداد الخير في قلبه، وطغى الشر، وتغير رأسا على عقب، فلا مثل ولا مبادئ ولا أعراف، فلا مانع عند ميت الضمير في أكل حقوق الناس، ولا مانع في أن يصبح الحرام عنده حلالا، فتضيع القيم والأخلاق، فموت الضمير يعني فقدان الإنسانية وطغيان الشر على الخير، وهنا يصبح المرء وحشا على هيئة إنسان، وإذا ماتت الضمائر ارتكبت الكبائر، فلا وازع دينيا ولاهم يحزنون.
وما هذه الجرائم التي ترتكب هنا وهناك إلا بسبب هذه الضمائر الخاوية من الإنسانية، ولا أشبه الضمير إلا بالسراج في القلب المظلم ينير لنا الطريق ويهدينا سواء السبيل، وعلى العكس من ذلك، فإذا كانت الضمائر حية فسنكون في أحسن حالاتنا، ونعيش بسعادة وراحة بال واطمئنان، نعرف ما لنا وما علينا، وفي هذا الزمان الأغبر أصبحت أعداد أصحاب الضمائر الخاوية كثيرة، انتهت صلاحية ضمائرهم ولفظت أنفاسها الأخيرة، فلم يعودوا يفرقوا بين الحق والباطل والصح والخطأ، تجمدت مشاعرهم وعواطفهم وأحاسيسهم فأصبحت قلوبهم قاسية صلدة، قلوب تفتقر إلى النبض الإنساني أمام أعاصير المصالح الشخصية، ورياح الطمع والجشع، بسبب المادة التي أعمت العيون، وأماتت القلوب، حتى صرنا نرى بالعين المجردة من يقتات بضميره.
يقول أحد الحكماء: إذا مات القلب ذهبت الرحمة وإذا مات العقل ذهبت الحكمة، أما إذا مات الضمير فقد ذهب كل شيء، إن منبع الحق ونوره الضمير الحي، ومنبع الباطل والشر الضمير الميت، وليس موت الضمير مقصورا على الجرائم التي ترتكب، ولكن له وجوه كثيرة منها التهاون في أداء الواجب وخيانة الأمانة والعقوق حتى يصل بك موت ضميرك إلى إهمال واجب الله عليك، وربما صحا ضمير الإنسان متأخرا بعد فوات الأوان فتندم حين لا ينفع الندم، ودمتم سالمين.