«اللسان» بين الطب والقرآن – بقلم : وفاء الحشاش
يتكلم الانسان منذ آلاف السنين قبل أن يعرف سر الكلام ويهتدي الى آيات الله في اللسان. خلق الله سبحانه وتعالى الانسان على أجمل صورة وأحسن تقويم ومكنه من الافصاح عما في نفسه عن طريق المنطق السليم والقول الواضح، كما مكنه من فهم كلام غيره له فتميز بذلك عن باقي المخلوقات وصار أهلا لحمل الأمانة التي عجزت عن حملها السموات والأرض والجبال، وأصبح مستعدا لتلقي العلوم والخلافة في الأرض.
فالإنسان لا يقدر على إقامة مصالحه إلا بإفهام غيره أغراضه، وذلك بواسطة اللسان الذي هو أداة الكلام. اللسان هو عضو واحد من أعضاء جهاز النطق لدى الانسان غير ان له دورا كبيرا في عملية الكلام وصياغته.
يبلغ متوسط طول اللسان للرجل البالغ 8.5 سم، ويبلغ متوسط طول اللسان عند المرأة البالغة 7.9 سم، ويحتوي اللسان للإنسان البالغ على 2000-4000 برعم تذوق. كذلك يتكون اللسان من 8 عضلات متشابكة مع بعضها البعض وتتميز عضلات اللسان بأنها العضلة الوحيدة في جسم الإنسان التي تعمل بشكل مستقل عن الهيكل العظمي.
يتكون اللسان من عدة أجزاء تعمل معا بصورة تكاملية لتعزز دوره في إنجاز المهام التي يقوم بها من تناول الطعام، تذوقه، والتحدث، والبلع. وعلى الرغم من صغر حجمه إلا أنه يضم العديد من الأجزاء الحيوية المعقدة كالأعصاب، العضلات، والأوعية الدموية.
وبالتصفح في القرآن الكريم نلاحظ ان كلمة «اللسان» تم استخدامها مكان «اللغة»، منها قوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) سورة إبراهيم (4). كذلك تم استخدام كلمة «اللسان» في مكان «الكلام» فهذه القدرة الإلهية التي خص بها الله عز وجل بني آدم عليه السلام وجعله آلة البيان كقوله تعالى: (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين) سورة البلد (8-9) ونعمة النطق التي يحصل بها الإنسان عما يريد كقوله تعالى: (خلق الإنسان علمه البيان) سورة الرحمن (3-4).
اللسان هو وسيلة لتبليغ الخير للناس ودعوتهم إلى الله، كما قال سبحانه وتعالى: (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به وتنذر به قوما لدا) سورة مريم (97). فاللسان سبب في نعيم الإنسان أو عذابه فيجب على المؤمن الموحد أن يحفظ لسانه عن كل ما يؤذيه في الدنيا والآخرة.
اللسان هو أحد أعضاء جسم الإنسان المعقدة في صنعها وخلقها ووظيفتها وهو وسيلة بذل المعارف ومرآة معرفة الفضائل. فكم من جميل الوجه قبحه لسانه، وكم من دميم الخلقة رفعه لسانه. هو مضغة صغيرة في الجسم، كبيرة في الأثر، هو مصنع البيان، يرفع الله به أقواما ويضع آخرين. من حفظه سلم ومن استثمره في الخير غنم.
اللهم احفظ ألسنتنا عن كل ما لا يرضيك، واجعل لنا عليه سلطانا، فلا نقول إلا حقا ولا نشهد إلا صــدقا يا رب العالمين.