تعد أسرار التجارة من العناصر الرئيسية والهامة للمشروعات التجارية والصناعية، خاصة على المستوى العالمي، فهي تعتبر المحور الأساسي في عملية نقل التكنولوجيا، لذلك فقد عرف قانون التجسس الاقتصادي الأميركي (The economic espionage act 1996) الاسرار التجارية بأنها كل أشكال وأنواع المعلومات المالية والتكنولوجية والاقتصادية والعلمية، بشرط أن يتخذ صاحب المعلومات جميع التدابير اللازمة للمحافظة عليها، وأن يكون لها اقتصادية مستقبلية فعلية لو محتملة.
بالرغم من تعدد الأنظمة القانونية التي تحمي اسرار التجارة حول العالم، فإنها تتفق فيما بينها على وجوب توافر شروط معينة لتتمتع المعلومات بالحماية القانونية كسر تجاري، منها سرية المعلومات، القيمة التجارية لها (اتفاقية تربيس)، المحافظة على المعلومات باتخاذ تدابير معقولة.
التجسس الاقتصادي: يقصد بالتجسس الاقتصادي هو الاستهداف غير القانوني، والسرقة للمعلومات الاقتصادية القومية المهمة، وقد يشمل التجسس الاقتصادي الاستيلاء السري أو السرقة الصريحة لمعلومات تخص الملكية والتي لا تقدر بثمن في عدد من المجالات بما فيها التكنولوجيا، والتمويل، والسياسة.
يعد التجسس الاقتصادي من المخاطر التي تولي الشركات والحكومات اهتماما كبيرا لمحاربتها، لما يترتب عليها من تهديد للاستقرار والتطور الاقتصادي. حيث تتنوع الطرق والتقنيات التي يتم استخدامها في عمليات التجسس التجارية، بحسب الظروف والأهداف المراد تحقيقها.
فقد يتم هذا التجسس عبر تجنيد أشخاص من داخل الشركة المنافسة، حيث يقومون بتسريب أسرارها ومعلوماتها، وربما يصل الأمر إلى قيامهم بسرقة بعض أجهزتها، أو إلى زرع برامج تجسس في أجهزة الشركة وشبكاتها.
وقد يتم التجسس أيضا عن بعد بزرع برمجيات في أجهزة الكمبيوتر عبر رسائل إلكترونية، من أجل جمع المعلومات وأسماء المستخدمين وكلمات المرور، أو لتدمير برامج عمل الشركة التي وقع عليها التجسس وقاعدة معلوماتها.
فمن اشهر قضايا التجسس عالميا في عام 1993، عندما غرمت شركة سيارات ألمانية 100 مليون دولار بعد سرقتها أسرارا تجارية من شركة أميركية وفي نهاية عام 2019 اتهمت شركة صناعة سيارات ألمانية أخرى قراصنة فيتناميين بمحاولة اختراق شبكاتها، وأبلغت شركات سيارات يابانية شهيرة عن أنشطة مماثلة.
القوانين والعقوبات: هناك بعض الإجراءات والقوانين الدولية التي تهدف لكبح ممارسات التجسس الاقتصادي، منها ما نص عليه قانون التجارة الدولي من حماية للأسرار التجارية، أو ما نصت عليه اتفاقية «تريبس» التي تحث أعضاء منظمة التجارة العالمية على حماية حقوق الملكية الفكرية والمعلومات السرية ذات القيمة التجارية.
وتتيح هذه الاتفاقية تطبيق العقوبات الجنائية في حالة التعدي على حقوق الملكية الفكرية، خاصة عند تعمد ارتكابها على نطاق تجاري.
كما أنشأت لجنة القانون الموحد (ULC) وهي منظمة أميركية غير ربحية – قانون الأسرار التجارية الموحد الذي يحدد الأسرار التجارية والادعاءات المتعلقة بها، واعتمدته 47 ولاية أميركية.
بالنسبة للخسائر السنوية المترتبة على التجسس في المجال الاقتصادي والصناعي فتصل إلى أكثر من خمسين مليار يورو، حسبما خلصت إليه دراسة نشرت مؤخرا وأجراها اتحاد الصناعات الإلكترونية، ويعتبر الاقتصاد الألماني من الاقتصادات التي لديه العديد من الإغراءات التي تجعله هدفا للكثير من هجمات التجسس. فالعديد من الشركات الألمانية الصغيرة أو المتوسطة تتبوأ موقع الريادة في الاقتصاد العالمي، كما أن المنتجات الألمانية معروفة بتقدمها التكنولوجي وجودتها العالية.
ويرى الخبراء والمختصون أنه ستظل الدول التكنولوجية الرائدة مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، واليابان وكوريا الجنوبية، أهدافا رئيسية لعمليات التجسس الاقتصادي. ومن المرجح أن تنضم دول أخرى الى القائمة مع تنوع الاقتصادات وانتشار التكنولوجيا.
HamadMadouh@
