اليوم العالمي للمسنين بين الألم والأمل – بقلم : د.ناصر أحمد العمار
في 14 ديسمبر 1990، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها (45/106) يوم 1 أكتوبر من كل عام بوصفه اليوم العالمي للمسنين.
تتلخص أهداف هذا اليوم في: التوعية بأهمية الرعاية الوقائية والعلاجية لكبار السن، تعزيز الخدمات الصحية والوقاية من الأمراض، توفير التكنولوجيا الملائمة والتأهيل، تدريب الموظفين في مجال رعاية كبار السن، توفير المرافق اللازمة لتلبية احتياجات كبار السن، حث المنظمات غير الحكومية والأسر على تقديم الدعم للمسنين لاتباع أسلوب صحي جيد، والتعاون بين المؤسسات الحكومية والأسر والأفراد لتوفير بيئة جيدة لصحة ورفاهية المسنين.
هذه المناسبة مهمة جدا على كل المستويات، خاصة أن هذه الفئة لا يستهان بها، اذ يتوقع أن يكون عددهم في العالم أكثر من 800 مليون نسمة، كما يتوقع زيادة العدد لأكثر من ملياري مسن بحلول عام 2050، منهم من سيفقد القدرة على الحركة أو تصبح حركته محدودة، وعدد من التغيرات الفيزيولوجية والبيولوجية والاجتماعية والنفسية التي تعوق توافق المسن مع أسرته ومجتمعه بشكل عام وتؤثر على حالته النفسية والجسمية وتواصله مع محيط بيئته الاجتماعية، ويفقد المسن مكانته في المجتمع، ويعاني من سوء تكيف مع البيئة المادية المحيطة به، مما يستدعي ضرورة حماية المسنين من الضغوط النفسية والاجتماعية، لا نحتفل فقط ونخصص لهم يوما نقرأ عنه في الميديا.
وضع المسنين عندنا يختلف، ويحتاجون لأكثر من ذلك بكثير، لأسباب متعددة منها أن بعضهم يشعر بأن حياتهم انتهت لأسباب كثيرة، منها: الشعور (بالدونية) وإحساس البعض منهم بعدم رغبة المجتمع فيهم، لأنهم لم يعودوا قادرين أو صالحين لتقديم النفع والفائدة لهم ولأسرهم. كما تحتل مشكلة القلق مرتبة متقدمة من بين مشكلاتهم النفسية، بسبب الوضع الصحي – التقاعد – الانفصال والإحساس بالوحدة والفراغ – الخوف من الموت – مواجهة أحداث مؤلمة مثل: فقدان شخص عزيز، تراجع المنزلة الاجتماعية والاقتصادية بعد التقاعد، وجود أمراض جسدية مسبقا مثل أمراض القلب، تهميش دور كبار السن، بالإضافة إلى الإهمال من قبل افراد المجتمع، والتعامل معهم بطريقة لا تتوافق وأعمارهم وما قدموه لمجتمعهم. كما يحاصرهم الشعور بالحزن بسبب فقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة، والشعور بأن ما كان يسرهم لم يعد سارا لهم، وصعوبة النوم أو الإفراط فيه، وكذلك الشعور بالغضب والانفعال العصبي أو الخمول، مع نوبات من شحذ العواطف برغبة جامحة، والشعور بالتعب المزمن والشديد، ضعف التركيز الفكري وصعوبة اتخاذ القرارات.
تـــلك بعض المعاناة التي يدير البعض ظهورهم عنها عند التــعـــامل مع المسنين كأنهم ليسوا معنيين بالأمر، على الرغم من أن هؤلاء المسنين هم سبب وجودنا في هذه الحياة، وهكذا يصبح هذا اليوم العالمي للمسنين كالحبوب المسكنة (Brufen)، تخفف آلامهم لبعض الوقت ولكــن الكثيرين منهم يحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير.