في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السبت الموافق السادس من أكتوبر عام 1973 جاءت اللحظة التي تمنتها وعملت لها وانتظرتها الأمتان العربية والإسلامية جمعاء من المحيط إلى الخليج، فعلى الجبهة المصرية تلاحقت عواصف النار من ضربات الطيران ثم القصف بالمدفعية، وتم إنزال 1000 قارب مطاطي إلى قناة السويس مع 8000 مقاتل شكلوا الموجة الأولى من موجات العبور ثم طوفان من قوات المشاة والمدرعات، ووراء هذا الحشد المهيب جيش المليون مقاتل، في العاشر من رمضان كانت مصر تعيش واحدا من أمجد أيام عمرها.
وعلى الجبهة السورية، كان التمهيد بالمدفعية واندفعت ثلاث فرق من المشاة والمدرعات تكتسح مرتفعات الجولان وكان العالم المأخوذ بالمفاجأة والمشهد الجليل بالقوة العربية يتجه بأنظاره إلى القاهرة باعتبارها مركز القيادة للعمل العسكري والسياسي وكان الرئيس السادات، رحمه الله، في قلب تلك الصورة التاريخية العظيمة وكان يترقب عملية العبور في قناة السويس التي كان الكل يخشاها ويحسب لها، ولله الحمد والشكر تمت بنجاح يفوق كل خيال.
ما أحوجنا في زمن الانكسار العربي إلى أن نستلهم روح أكتوبر، فقد حقق الجندي العربي معجزة على أي مقياس عسكري، فقد قهر أكبر مانع مائي في التاريخ وقضى على أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، فعندما تحتفل امتنا العربية بنصر أكتوبر علينا أن نذكر سنوات الهزيمة، وان نذكر أن لنا أعداء يتربصون بنا ويسعون لدمارنا.
إن النصر الكبير الذي حققته القوات العربية في مصر وسورية يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن التلاحم العربي والتضامن هو الأساس الأول لأي انتصار عربي واستلهاما لروح أكتوبر يجب أن نعي الدروس المستفادة، وأول هذه الدروس أن نتجه إلى الله في كل شيء سبحانه وتعالى، وان العرب قوتهم في وحدتهم وفي تضامنهم وان التضامن العربي يتجلى وقت الشدة والمحن، وقد شاركت بعض الدول العربية في تحقيق النصر بعد الله بالرجال والعتاد وبوقف ضخ البترول للدول المتضامنة مع الكيان الصهيوني، وكذلك نستفيد من هذا النصر أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، فلا المؤتمرات ولا المفاوضات تعيد للعرب حقوقهم ولا مقدساتهم التي تداس.
ولنعلنها صراحة، ان هذا الكيان الغاصب لا يريد سلاما، بل يريد ذلا وهوانا واستسلاما لكل عربي، وعلينا أن نتسلح بالعلم ونسعى إليه ونطلبه في كل مكان ومن كل مكان فيوم ساد الجهلاء انكسرت الأمة وجاءت الهزيمة وراء الهزيمة.
لقد أثبتت حرب أكتوبر أن التخطيط هو المحرك الأول لتحقيق الانتصارات، فعلينا بالتخطيط حتى نقضي على الفوضى التي تسود أعمالنا ومحاربة الفساد ونتذكر كذلك دماء الجيش الكويتي والذين سالت دماؤهم الزكية على ارض سيناء التي استطاع العرب استعادتها بعد تلك الحرب المجيدة، فقد شارك الجيش الكويتي بلواء اليرموك الذي تمركز في الجبهة المصرية ولواء الجهراء الذي تم إرساله للجبهة السورية ووصل عدد شهداء الكويت وما سبقها من حرب الاستنزاف الى 42 شهيدا من رتب مختلفة، رحم الله شهداءنا جميعا وشهداء المسلمين، ونسأل الله أن نرى راية الإسلام خفاقة عالية على المسجد الأقصى، وان يحفظ بلدي الكويت وأميرها وشعبها والمسلمين من كل مكروه. اللهم آمين.
Adel.almezel@gmail.com
