إبصار.. نور الحياة – بقلم : عبدالله الشّهاب
من الأعمال الإنسانية التي تفخر بها الكويت مشاريع وبرامج علاج المرضى في المجتمعات الفقيرة، وتأتي حملات«إبصار» لعلاج مرضى العيون التي تتبناها «النجاة الخيرية الكويتية» ضمن أكثر المشاريع الخيرية إفادة للإنسانية، ومرجع اكتسابها هذه الوجاهة، دورها الخدمي البارز الذي تؤديه، وأثرها الأخلاقي الذي تسهم في تعزيزه، خاصة في المناطق التي وفرت الأيام لأهلها نصيبا من الآلام.
والمتأمل في جملة أهداف المشروع وغاياته المثلى، يضاف إليهما بعده الإنساني الرشيد، يتجلى له ومن الوهلة الأولى القاعدة التي انطلق منها، تلك القاعدة التي تجيب دعوة المضطر، وتمسح دمعة المحزون البائس،، لقد استوعبت الحملة في نسخ متعددة مرضاها رحمة وحنانا، حين استجابت لخفقات قلوبهم الوجلة، ومثلت جراحات العيون التي تجريها طاقة النور التي أخذت بأيديهم تهديهم سبيل الحياة.
إن قناعتنا تزداد يوما بعد يوم، ونحن نشاهد مبهورين ـ كغيرنا ـ أمثال هذه الوجهات الخيرية تؤتي ثمارها الطيبة، بما تغرسه من أمل في نفوس فقراء العالم، الذين قذفتهم الأقدار على ساحل الحياة لا حول لهم ولا قوة، اللهم إلا أيادي المحسنين من أهل الخير ترعاهم في تحنن.
لقد استطاعت قوافل «إبصار» بحرفية أن تجلو عن عيون هؤلاء غشاوة قاتمة امتدت ظلاما دامسا، فجاءت عمليات العيون لتعيد إلى نفوسهم الأمل، وتفتح في قلوبهم منابع جديدة لحياة أفضل، فها هي «النجاة» وبمعاونة المحسنين من أهل الكويت الذين حفوا المشروع برعايتهم الكريمة في مراحله السابقة، تدشن نسختها السابعة من إبصار، تصطحب معها عددا وفيرا من أدبيات، هي الأجدر على تكريس رسالتها السامية، وترسيخ كيانها القيمي المنبعث من روافد إسلامية أصيلة تحمل الخير للجميع، مع ما تتوخاه من تثبيت قواعد العمل الخيري الكويتي على أرضية صلبة، جعلت من الكويت مركزا للعمل الإنساني يحسب حسابه.
لقد استطاع «إبصار» وهو الشغوف بالتميز، أن يكتب في كل محطة يحط فيها، شهادة ميلاد جديدة لبادرة أمل جديدة، ويفتح فتحا مبينا لـ«النجاة» وكيانها العريق، ولعل في قراءة الاحصائيات الأولية، ومؤشرات العمل على الأرض في الدول التي شملها كاليمن ومصر والنيجر وتشاد وبنغلاديش والصومال، ما يستدعي الإشادة ويبشر بالخير، ناهيكم عن السمعة الطيبة التي تلاحق المشروع وكوادره أينما حلوا، من الجماهير التي باركت هذا الجهد فالتفت حوله ممتنة.
ولعل هذه المكتسبات الكبيرة، هي الدافع الفعلي لأن يتجه المشروع لتبني مفاهيم «الاستدامة»، يسترشدها دليلا ومرشدا، فكانت الدعوة صريحة لتوطين أنشطته وصبغها بصبغة الديمومة، عبر إقامة مراكز صحية لطب وجراحة العيون، مجهزة على أعلى مستوى من المعدات الطبية الحديثة، مع توفير كوادر مدربة على مختلف جراحات العيون وخاصة المستعصية منها، وعدم حصرها في عمليات المياه البيضاء فقط وتسكينها في البلدان الفقيرة حول العالم، فباستطاعة تلك البؤر العلاجية، أن تباشر مهامها بانتظام، ويتدفق خيرها ليعم الحضر والبوادي، فكانت المبادرة بافتتاح مراكز دائمة في تونس والنيجر واليمن كبادرة، تتوالى بعدها في عدد من الدول الأكثر احتياجا.
لقد بعث مشروع «إبصار» ليكون تظاهرة حب ووفاء، ترسله الكويت لتؤكد أن خيرا في الإنسان لا يزال، وأن سعادة في الحياة تستحق أن نحيا لأجلها.