الثورة المالية – بقلم : تهاني الظفيري
كشفت الصراعات الدولية المتوالية عن هشاشة الرأسمالية العالمية التي تسفر عنها أزمات مالية ونقدية متعاقبة من انخفاض أسعار الأسهم والسندات لتشمل أسعار صرف العملات وقيمة التحويلات المالية وفوائد المعاملات التكنومالية العابرة للحدود الزمانية والمكانية، وما ينتج عنها من اختلال التوازن الاقتصادي للعديد من الدول نظرا لاندماجها في الاقتصاد الدولي.
ولمجابهة تلك الفروقات بين قوى العرض والطلب، يتطلب الأمر اختلاق سوق طلب متزايد، فما كان من الحلول العملية التي لاقت تأييدا بين المؤثرين اقتصاديا إلا افتعال الحروب بين الحين والآخر لتحريك العجلة الاقتصادية وكسر الركود المحتمل في ظل شراسة الأنظمة الماركسية الحديثة المتحكمة في اقتصاد العالم، للحفاظ على المصالح المترتبة لهم وفقا للنظام الاقتصادي القائم، والتي تكون ضريبة الإبقاء عليها أخف وتيرة على البشرية من هدمها لاستحداث أخرى مغايرة تماما عنها.
فالثورة الصناعية المالية لا ترتبط بالإنتاج الفعلي بل بتداول المال كصناعة قائمة بذاتها تخلق فوائد بحسب أسعار السوق دون غطاء إنتاجي حقيقي، وهذا ما يعرضها لمخاطر الانهيار الذي يطول تبعاته الكارثية كافة المستخدمين. فالنظام الأممي الحالي يدعم هذه الحلول رغم قساوتها وبشاعتها الإنسانية من خلال نص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي سمح عنوة بتنفيذ العديد من الهجمات العسكرية تحت غطاء الدفاع الشرعي دون مسوغ قانوني حقيقي، بل هو التفاف على مبادئ القانون الدولي الإنساني لحماية أنظمة اقتصادية ومكتسبات سياسية.
وهذا ما يتطلب وقفة حقيقية للمطالبة بعمل إصلاحات هيكلية لمجلس الأمن من التوسع في تمثيل البلدان النامية، لاسيما مجموعة العشرين الاقتصادية كأعضاء دائمين مع منحهم صلاحيات موسعة، لتمكين المجلس من القيام بالمفاوضات بشكل أكثر فاعلية، بما يتناسب مع طبيعة عملهم، ويحقق الهدف المرجو لمجلس الأمن من الوصول للتسويات السياسية، وبما يدفع الاتجاه نحو الحل السلمي للصراعات القائمة، وللحد من شراسة الأنظمة المالية من خلال فتح آليات تعاون دولي، بما يضمن استدامة سلاسل التوريد الإنتاجي والطاقي والتصدي للكوارث والأزمات المحتملة، سواء المالية أو البيئية بشكل يحمي البشرية ويوفر الأمن والسلم الدولي.