بقلم : مشعل السعيد
من مقولات الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا» وهذه نصيحة تكتب بماء الذهب، فحسابنا لأنفسنا في الدنيا أسهل بكثير من حساب الله تعالى لنا يوم القيامة.
فالمسلم العاقل يخلو بنفسه ساعة من نهار ويتأمل ما بدر منه في يومه فإن كان حسنا فبها ونعم، لان الفعل الحسن سيزيده رفعة عند الله عز وجل وعند الناس، وإن كان خطأ كف نفسه عنه وحاول جاهدا ألا يعيده وتاب وأناب إلى الله منه، يقول الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ـ الحشر: 18 و19).
ولنتأمل نصيحة سيدنا عمر كاملة فهو يقول «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية». وقد ذكر قتادة في تفسير قول الله تعالى في سورة الكهف (وكان أمره فرطا) أضاع نفسه وغبن، ومع ذلك تراه حافظا لماله مضيعا لدينه.
والحق أن المسلم لايزال بخير ما كان له واعظا من نفسه، وكانت محاسبته نفسه همته، ذكر أن الأحنف بن قيس كان يضع إصبعه في المصباح ثم يقول «يا حنيف ما حملك على ما صنعت يوم كذا»، ولنعلم أن الأيام هادمة لأعمارنا، فقطار العمر يسير بنا الى غاية، فلا نضيع هذه الفرصة ونكون ممن نسوا الله فأنساهم أنفسهم، يقول ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه، انظروا الى قول المولى عز وجل أيضا (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد ـ آل عمران: 30).
فالزم محاسبة نفسك ومراقبتها ومعرفة حق الله عليك إن أردت النجاة:
اعمل وأنت من الدنيا على حذر
واعلم بأنك بعد الموت مبعوث
واعلم بأنك ما قدمت من عمل
يحصى عليك وما خلفت موروث
ودمتم سالمين.
