دائما ما يحاول الاشخاص النرجسيون الأنانيون التلاعب بالغير والتقليل من شأنهم، وبالأخص من الناحية الروحانية، تجدهم يستعملون روحانيتهم لتبرير تصرفاتهم المؤذية، وقد يلجأون أحيانا كثيرة إلى استخدام مصطلحات روحانية من أجل إرباك الآخرين، ذلك لأنهم يحتاجون إلى عكس صورة مثالية عن أنفسهم، هربا من شخصيتهم الداخلية المنكسرة.
وبالتالي حينما يرغبون في ذلك، تجدهم يقومون بإضفاء السحر على أحاديثهم، وقد تجد نفسك منجذبا إليهم وإلى أفكارهم العظيمة ووعودهم الرائعة، وهو أمر قد يمنحهم شهرة واسعة خاصة في بيئتهم ومحيط عملهم.
لكن، وقبل الانسياق وراءهم ووراء أحاديثهم الساحرة تلك، انظر قبلها إلى كيفية تعاملهم مع الآخرين عندما لا تكون الأضواء مسلطة عليهم، فإن وجدتهم يكذبون ويخادعون أو يكيدون ويمكرون أو يتلاعبون بالآخرين أو يقللون من احترامهم لهم، فعليك أن تدرك حينها أنهم قد يفعلون الشيء ذاته معك.
لذلك كن على يقين تام بأن رغباتك وحاجاتك وحتى مشاعرك ليست ذات أهمية بالنسبة لهم.
وقد تلاحظ في كل مرة يتواجد فيها الشخص النرجسي الأناني من حولك، أن الاهتمام ينجذب نحوه تلقائيا، ذلك حيث إنهم يسعون دائما إلى البقاء تحت الأضواء، سواء كان ذلك بطريقة إيجابية أو سلبية، وما هي إلا لحظات معدودة حتى تجد نفسك تنقاد إلى حيلهم تلك، فتتناسى احتياجاتك الخاصة فقط لإرضائهم، لذا عليك أن تحذر من البداية وألا تصب تركيزك واهتمامك الكامل عليهم، تذكر دوما أنك شخص مهم أيضا، ولديك رغباتك.
كما يستمتع بعض النرجسيين بجعل الآخرين يشعرون بالارتباك والحزن والتوتر، فإن كان الحال كذلك فاحرص كل الحرص ألا تظهر مشاعر الارتباك والقلق أو الانزعاج على محياك أمامهم، لأن ذلك سيفرحهم وسيشجعهم على الاستمرار، وهنا سيكون الصمت والتجاهل هو الحل والرد الأمثل عليهم، فكثيرا ما نسمع جملة: اختر معاركك بحكمة..!
وغالبا ما يكون تركيز النرجسي منصبا على ذاته، وبالتالي قد يظن أنه يستحق فعل ما يشاء أو أن يعبث بأغراضك الخاصة أو يخبرك بما يجدر بك فعله، فتجده يمطرك بالنصائح ومن ثم يمن عليك بعدها، أو ربما يجبرك على التحدث عن أمورك الخاصة في سياق عام أمام الكثير من الناس، بمعنى آخر، النرجسي شخص لن يحترم الحدود ولا يراها على الأرجح، لذا عليك أن تكون واضحا جدا بشأنها.
فعبر انت عن الخطوط الحمراء في التعامل معك ووضح تبعات تجاوزها أو عدم احترامها، والأهم من ذلك نفذ تلك التبعات حقا، وإلا فلن يصدقك وسيستهين بك وسيستمر في تصرفاته المتمادية معك.
وبمجرد أن تدافع عن نفسك امامه وترسم حدودا وخطوطا حمراء معه، فسرعان ما ستجده يشعرك بتأنيب الضمير وبأنك أنت الطرف السيئ في المعادلة، لذلك تذكر أنك لست مخطئا، وكن واثقا من نفسك.
كما ان هناك بعض الإشارات والعلامات التي قد تظهر على الشخص النرجسي، والتي هي بمنزلة ناقوس خطر يحذرك من الاستمرار في علاقتك معه، كتحميلك الذنب، السعي لعزلك عن الآخرين، محاولة تضليلك، التقليل من أهمية آرائك واحتياجاتك.
في حال تجلت أمامك معظم هذه الإشارات فلا حل أمامك سوى الرحيل والابتعاد عنه.
تذكر دائما أن حب الحياة هو حجر الأساس الأول الذي يمكن الإنسان من عيش حياته وكأنه يرسم لوحة زاهية بألوان مفرحة، لوحة يزين من خلالها حياته بحبه للآخرين، مع أشخاص سويين، معتدلين، متزنين، ايجابيين.
وكلمة سوي تطلق على كل من يلتزم بالأخلاق والآداب متمسكا بها، قادرا على التحكم بمشاعره وعواطفه معتدلا بها، متقيدا بكل ما هو مقبول شرعا ومألوف عرفا، قال تعالى: (فاتبعني أهدك صراطا سويا)، [2] والإنسان السوي معتدل في منهجه وحياته، في أقواله وأفعاله حركاته وسكناته.
فالحياة هي الشجرة والعلاقات الاجتماعية هي أغصان هذه الشجرة التي مهما تنوعت واختلفت تعود للأصل، ولهذا يجب أن تكون العلاقات الاجتماعية قوية ومتينة، ومترابطة مع بعضها البعض، لا علاقات سامة وسلبية ومزعجة.
