إظهار العدم – بقلم : معاذ عيسى العصفور
دائما ما يظهر الناس عدم حزنهم، وعدم خوفهم، وعدم رغبتهم.. إظهار العدم وإخفاء الحقيقة أمر مزعج، فلماذا يقدم عليه الواحد فينا؟!
***
أحد الأصدقاء توفي ابنه بعد ولادته بـ9 ساعات فقط، يقول لي غسلته وأمسكت بيده أحركها، وأقول للذي بجانبي انظر لصغر حجم يد ابني وأتصنع الابتسامة، وبعد رجوعي للبيت انهرت بإحدى الغرف المغلقة وبكيت كثيرا على فراقه.
***
شخص آخر يركب الطائرة.. فيخبر كل من حوله بعدم خوفه وأنه لا يهاب المطبات الهوائية، ومع أول اهتزاز يتغير لونه ويتصبب عرقا لكن يحاول كتمان الجزع والخوف الذي حل به.
***
وآخر مثال من يظهر عدم اهتمامه أو رغبته في المال أو المنصب.. وهو بحقيقة الأمر قد يتخلى عن جميع مبادئه مع أول اختبار وامتحان.
***
محاولة إخفاء الحزن والخوف والرغبة.. وإظهار خلاف ذلك تشعر الشخص بالقوة المؤقتة.. لكن تجعله على حافة الانفجار.. كأن يقوم الشخص بنفخ البالون بشكل مستمر من دون توقف أو إخراج الهواء منه بطريقة أو بأخرى.. سينفجر البالون لا محالة.. كذلك الإنسان إذا كبت مشاعره وجعلها تتراكم بداخله ستظهر عليه في يوم من الأيام إما على هيئة مرض أو انهيار كلي أو ستتبدى للناس حقيقته.
***
النبي صلى الله عليه وسلم دمعت عيناه على فراق ابنه إبراهيم وتأثر لما توفي عمه حمزة وعمه أبوطالب، وقال للأعرابي وما أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك.
***
هي مشاعر لحظية تمر على كل واحد فينا سواء فرح أو حزن، ما المانع من إظهارها أو حتى مشاركة غيرك بها؟! سمعنا بالتأكيد قصة الخنساء لما توفي أقرب الناس إليها، لكن لما رأت أن الجميع مصاب ومكلوم أيضا قالت بيتا من الشعر مازال يذكر إلى الآن:
ولولا كثرة الباكين حولي.. على إخوانهم لقتلت نفسي
***
المشاعر والأحاسيس إشراكها مع الغير يخفف من وطأتها على النفس إن كانت حزينة، ويزيد فرحك أكثر إن كانت سعيدة.. لذلك تقام مجالس العزاء ووجدت صالات الأفراح لمثل هذه الأغراض.