كم عبدالله بيننا؟! – بقلم : مزيد مبارك المعوشرجي
عبدالله موظف يعمل في شركة خاصة، أصيبت زوجته (ربة منزل) بمرض خطير يستوجب توفير جرعات علاج يومية مكلفة غالية الثمن، وتقدم إلى وزارة الصحة وإلى إدارة التأمين في شركته بطلب مساعدته في توفير الدواء لزوجته، لكن دون جدوى، وخلال ذلك باع سيارته وكل ما يملك من أجل توفير المال لشراء الدواء، كما تقدم بطلب (قرض) من البنك، لكن راتبه لا يسمح، وطلب سلفة من الشركة ورفضت طلبه، وبعد أن أغلقت في وجهه كل السبل، قرر عبدالله ومن دون تردد، في ليلة مظلمة ماطرة يكسوها السواد والدموع على ألم زوجته حبيبته وشريكة حياته وأم أبنائه، أن يقتحم أقرب (صيدلية) تبيع الأدوية ليسرق الدواء الشافي لزوجته لينقذ حياتها، وبعد أن اطمأن عليها، قام بتسليم نفسه للشرطة معترفا ومقرا بما قام به.. السؤال هنا: هل ما قام به عبدالله يعد عملا أخلاقيا.. إنسانيا أم لا؟!
هذه كانت افتتاحية مثيرة للجدل لدرس لا أنساه في مادة فلسفة الأخلاق للدكتور القدير ميشيل متياس، حيث طرح على الطلبة سؤالا عاما جميلا بعد الانتهاء من القصة.. بعيدا عن الأعراف والقوانين والأديان السماوية، هل ما قام به الزوج (عبدالله) لإنقاذ زوجته يعد عملا أخلاقيا.. أم لا؟ وكانت أجوبة الطلبة مختلفة ومتنوعة وعميقة.
وبعيدا عن الأجوبة، كم من عبدالله بيننا وصل له الدواء بعد أن ماتت زوجته؟، كم عبدالله بيننا وصلت له الموافقة بالعلاج في الخارج بعد أن توفي والده؟، كم عبدالله بيننا خسر بعثته الدراسية بعد أن تأخر المسؤول عن توقيع معاملته قبل بداية السنة الدراسية؟ وكم عبدالله بيننا خسر مشروعه بسبب قصور في التشريعات أو إطالة متعمدة في اللجان وبطء في الدورة المستندية ؟، كم عبدالله بيننا تقدم بفكرة إلى مسؤول وسرقها منه ونسبها إلى نفسه دون حتى أن يقول له: شكراً!، كم من عبدالله ضاع حقه وسلب منه دون حول منه ولا قوة؟!
أختم هنا بالسؤال الأهم: هل يجب أن يقوم كل صاحب حق بمثل ما قام به عبدالله لكي يأخذ حقه قبل فوات الأوان؟!