تخيل شجرة.
هل تخيلت؟ هل رأيتها في ذهنك؟
نعم بكل بساطة، فالعقل يستجيب وينطلق في التخيل والتصور ويقدم النماذج، وربما يحفز الذكريات.
إن للدماغ البـــشري قـــدرة رهيبة على افتعال الأحداث الخيالية وكتابة السيناريوهات الوهمية! والتي تتطرف أحيانا فتكون «مبالغات». نحن ننساق بسهولة مع الأفكار والاعتقادات والظنون، وينعكس ذلك تلقائيا على مزاجنا، ويؤثر على ردود أفعالنا عندما نواجه الأشخاص الذين دارت حولهم ظنوننا.
أخطر ما يركن إليه المرء هو «الظن» خاصة إذا ساء، وما أسهل سوء الظن!
تجد ذهنك يقترح ظنونا بين ربما وماذا لو؟ إلى أن يتحول الظن إلى شك يتولد معه إحساس مزعج يطاردك فيوصلك إلى التصديق به!
الاسترسال في الظنون يشبه كرة الثلج التي تهوي من قمة الجبل، وفي تدحرجها تكبر بسرعة حاملة معها كل ما في طريقها حتى تحط في القاع وقد بلغت تضاهي الجبل التي هوت منه حاجبة الحقيقة وراءها!
إن استسلامنا للظن لا يجلب إلا ألما وهميا! وانسحابية من علاقات جميلة، وحرمانا من تفاعل مثمر، لأننا وقعنا أسرى اعتقاداتنا السلبية، فنضيع وقتنا بالتشكيك ونهدر طاقتنا بأحاسيس مربكة.
«الأفكار الظنية» ليست حقائق، فلا يصح أن يبنى عليها، هي في الغالب وسوسة شيطانية إلى نفوسنا المزحمة، المثقلة بالتجارب القاسية، التي تتلقف الاحتمال الأسوأ! فتحزن وتنطوي وتفوتها الحقيقة!
إساءة الظن اقتراف إثم! ففيها تعطيل لكل الخير، خير السماحة وإراحة البال ولطف اللقاء واحتساب الخيرة وحسن العشرة.
التماس العذر سلوك رفيع واع متزن، ولشدة أهميته وجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى التماس سبعين عذرا لأخيك! بل أن تعتقد أن له عذرا لا تعرفه!
فـلـلبشر ظروفهم وخبايا صدورهم، وكلنا قد يسيء التصرف أو يسهو أو ينسى أو يخونه التعبير، وبين مقصود وغير مقصود، وفي لحظة غضب أو فترة جزع، دوائر العلاقات تتسع وتضيق، لن تستطيع أن توقف التفاعل الإنساني في حياتك، لكنك قادر على إيقاف دحرجة الظنون.. قبل أن تتعاظم وتستقر أمامك، فلا تكـاد ترى سواها وتودع الأفق.
ss.aa18me@gmail.com
