يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
(إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا).
فما هي الأمانة التي عرضت على السموات والأرض وجميع المخلوقات وحملها الإنسان فكان ظلوما جهولا؟
الأمانة هي كل ما اؤتمن عليه الإنسان ووكل به وتعهد به وواجبه الدفع والأداء، والتي يجب على المسلم والمؤمن أداءها للخالق والمخلوق، وهذه الأمانة منها المادية كالأشياء الملموسة من مال ومتاع.. ومنها المعنوية المحسوسة، كمثل الحقوق والواجبات، كحق المسلم على أخيه المسلم. فعن السبط الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام لما سئل عن حق المسلم على المسلم وما واجبه تجاهه قال: «هي سبع حقوق واجبات، ما منهن حق إلا وهو عليه واجب، إن ضيع منها شيئا خرج من ولاية الله وطاعته ولم يكن لله فيه من نصيب»، فقال: «أيسر حق منها أن تحب له ما تحب لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك».
والحق الثاني: أن تجتنب سخطه وتتبع مرضاته وتطيع أمره، أي ان تحاول ان ترضيه ولا تكون سببا لحزنه وألمه ومضايقته.
والحق الثالث: أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك، أي أن تكون له عونا في السراء والضراء وان تقف بجانبه في وقت حاجته لك وان تكون له عونا في أخذ حقوقه وان تسعى بحاجته، والحق الرابع: أن تكون عينه ودليله ومرآته، أي أن تحفظه في غيبته وفي حضوره، وان تكون كنفسه وأن تحافظ على أسراره التي ائتمنك عليها وممتلكاته وحاجاته.
أما الحق الخامس: فهو ألا تشبع ويجوع ولا تروى ويظمأ ولا تلبس ويعرى، اي ان تشاركه لقمتك وملبسك فلا يهنأ لك لقمة وملبس، وأنت تعلم أن أخاك جائع أو عريان لا يجد ما يلبس.
والحق السادس: أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم فواجب أن تبعث خادمك فيغسل ثيابه ويصنع طعامه ويمهد فراشه.
أما الحق السابع: فهو أن تبر قسمه، وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته، وإذا علمت أن له حاجة تبادره إلى قضائها ولا تلجئه أن يسألك إياها ولكن تبادره مبادرة.
فمن منا قد أدى واجبه؟
ومن منا عمل بما عليه من الحقوق؟
ومن منا قد أدى أمانته؟
دمتم بحفظ الله ورعايته.
