قالت وكالة إس أند بي غلوبال، للتصنيفات الائتمانية، إن الكويت شهدت العديد من التعديلات الوزارية وتغيير الحكومات، إذ لم يترك هذا الباب الدوَّار للتعيينات الوزارية لشاغلي المناصب سوى القليل من الوقت لتنفيذ السياسات الرامية إلى دفع تنمية حقول النفط والغاز في البلاد إلى الأمام.
وأشار كريستيان أولريشسن، زميل الشرق الأوسط في معهد بيكر، أنه من المسلم به أن صناعة الطاقة في الكويت ستشهد «استمرارية السياسات الحالية، إضافة إلى التحديات».
أكد أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت بدر السيف، أن رابع أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، التي تمتلك سابع أكبر احتياطيات في العالم، «ستواصل خطتها»، مضيفاً أن «الخلافات كانت منظمة ولا تؤثر في العديد من التغييرات في سياسة الطاقة التي عادة ما تُترك للتكنوقراط لفرزها».
صناعة الطاقة
أفادت «إس أند بي غلوبال» بأن التحديات التي تواجه الكويت تظهر السعي من أجل رفع الطاقة الإنتاجية للنفط الخام إلى المستويات المرغوبة قبل ذروة الطلب وقبل الموعد النهائي لصافي الصفر العالمي في منتصف القرن.
وقامت الكويت بمراجعة خططها للطاقة الإنتاجية الخام في أكتوبر، بهدف الوصول إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2035 وملياري قدم مكعبة يومياً من الغاز غير المصاحب بحلول عام 2040. وستأتي إضافات القدرات من حقولها المحلية، وكذلك المنطقة المحايدة التي تشترك فيها مع السعودية.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية المعلنة للبلاد 2.9 مليون برميل يومياً من النفط، في حين بلغ الإنتاج –المقيَّد بسبب تخفيضات «أوبك +»– إلى 2.55 مليون برميل يومياً في نوفمبر، وفقاً لآخر استطلاع أجرته S&P Global Commodity Insights.
وذكرت الوكالة أنه يتعين على خطط الكويت لإضافة قدرات جديدة أن تتغلب على التحديات التي تفرضها الاوضاع السياسية في البلاد، ونقص الاستثمارات الأجنبية، وشيخوخة حقول النفط.
وفي هذا الصدد، قال كامل الحرمي، محلل النفط المستقل في وكالة الأنباء الكويتية: «صناعة النفط في وضع سيئ للغاية، آمل أن تأتي حكومة قوية لديها رؤية حقيقية، وإلا أعتقد أننا سنظل على الوضع الراهن نفسه بلا تغييرات».
تحديات المنبع
أوضحت وكالة إس أند بي غلوبال أن قطاع التنقيب والإنتاج في الكويت يتطلب استثمارات كبيرة، حيث يواجه حقل برقان النفطي الكبير تراجعاً طبيعياً، وأي إضافة إلى الطاقة الإنتاجية تعوِّض ببساطة الانحدار المستمر في ثاني أكبر حقل نفط في العالم.
وينتج الحقل ما يقرب من طاقته الإنتاجية –%95 من طاقته الكاملة- ويبلغ الإنتاج الحالي حوالي 1.6 مليون برميل يومياً، مدعوماً بتعزيز عملية الاسترداد عن طريق حقن الغاز وغمر المياه.
وتعد المنطقة المحايدة مصدراً محتملاً آخر لإضافات القدرات، لكن التحديات التشغيلية والتعديلات السياسية في الكويت أعاقت أي تطوير جدي للحقول المشتركة، التي لم يتم استئناف تشغيلها إلا في عام 2020 بعد توقف دام أكثر من أربع سنوات. كما أن البلاد تواجه نزاعاً مع إيران حول تطوير حقل الدرة البحري، الذي تتقاسمه الكويت مع المملكة العربية السعودية.
التحول نحو الطاقة النظيفة
بيَّنت «إس آند بي غلوبال» أن الكويت، الدولة التي يشكِّل النفط فيها %90 من إيرادات الحكومة، قد تواجه احتمال أن تتخلف عن نظيراتها الإقليمية عندما يتعلق الأمر بتحول الطاقة.
وخلال محادثات المناخ للأمم المتحدة COP28 في دبي، قالت الكويت إنها لن تدعم نصاً حاسماً يدعو إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري. كما حث الأمين العام لمنظمة أوبك، هيثم الغيص، المنتجين على عدم دعم النص في رسالة أرسلها إلى أعضائها خلال مفاوضات المناخ. وقد دعا إجماع الإمارات الذي تم تبنيه في نهاية المطاف الدول إلى «الانتقال» بعيداً عن الوقود الأحفوري والقدرة المتجددة الثلاثية، وهو أمر غير موجود في الكويت.
الهيدروجين الأخضر ومصادر الطاقة المتجدِّدة
لفتت الوكالة إلى أنه خلال الإصلاح الشامل للإستراتيجية التي تم الإعلان عنها في أكتوبر، حدَّدت مؤسسة البترول الكويتية خططاً لتطوير التكنولوجيا، بما في ذلك استخدام احتجاز الكربون وتخزينه، كجزء من الأهداف للوصول إلى صافي انبعاثات الغازات الدفيئة في النطاق 1 والنطاق 2 بحلول عام 2050.
وتدرس شركة البترول الوطنية الكويتية الهيدروجين الأخضر، والوقود الحيوي من الجيل الثاني، ومصادر الطاقة المتجددة والتخزين، والمواد البلاستيكية المعاد تدويرها، وكفاءة حرق الطاقة، والتنقل المتقدم وتجارة التجزئة، وتعويض الكربون في إطار إستراتيجيتها، لكنها لم تذكر خططاً وجداول زمنية محددة.
وقال الحرمي: «نحن بحاجة إلى تطوير الهيدروجين الأخضر واحتجاز الكربون».
