حفلات الطلاق.. وتخبيب الزوجات – بقلم : رياض عبدالله الملا
قدر الله علينا أن نكون جزءا من عالم افتراضي صاخب، تملؤه المتناقضات، وتتجاذبه نوازع الخير والشر في نفوس البشر، بات ذلك من بديهيات وسائل التواصل الاجتماعي التي ارتمى الكثيرون في أحضانها واستسلموا لما فيها من الغث والسمين والصالح والطالح.
شياطين الإنس وجدوا في وسائل التواصل ضالة مضلة ومرتعا خصبا للنيل من قيمنا وهدم أسرنا وتفكيك مجتمعنا، فركبوا موجات التغريب وعاثوا فسادا وإفسادا، وها نحن نعيش واحدة من فصول مكرهم في تخريب البيوت وتخبيب الزوجات، مما سأخصص له هذه السطور، مستعينا بالله على هذه الطوام والشرور.
نشأنا صغارا ورأينا أناسا يحتفلون بيوم ميلادهم، وآخرين بذكرى زواجهم، وآباء بتخرج أبنائهم، ولم نكن نسمع أو نرى من ذي قبل أن سيدة احتفلت بطلاقها من زوجها، وتغريدها خارج سرب أسرتها. وما كان لتلك الآفة أن تنتشر وتستظهر لولا أن هناك أشرارا يغرون الزوجات بالطلاق ويتلاعبون بعواطفهن ومشاعرهن.
مواقع التواصل تعج بهؤلاء المخببين والمخببات والمحرضين والمحرضات، ينفثون سمومهم في المجاميع النسائية، ويضعون عصيهم في عجلة كل بيت، ويرمون حطبهم في أي مشكلة عائلية، يغذون في الزوجة نزعة الشر، ويدفعون بها نحو الضغينة والكراهية، ويغرونها بثلمات في قانون الأحوال الشخصية كي تسل سيوفها و«تنفذ بريشها» من قفص الزوجية، وتعود منكوسة لفضاء العزوبية، طامحة في متاع زائل، وانتصار فاشل، وحرية مزعومة ودنانير معدودة، ثم تجمع صديقاتها ومخبباتها لإطفاء شموع كيكة الطلاق والاحتفال بالوضع الجديد.
التخبيب والتحريض لم يعد يقتصر على صديقات المرأة وزميلاتها، ولا على بعض المحامين والمحاميات الذين يضعون للزوجة المسكينة الشمس في يد والقمر في أخرى، فالأدهى من ذلك والأمر، أن بعض الأمهات أو الآباء أو الإخوة أو الأخوات هم من يقعون في تخبيب ابنتهم أو أختهم وتهويل مشاكلها مع زوجها، ليفسدوا حياتها ويدفعوها إلى الفراق والشتات، لأهداف مادية أو اجتماعية مختلفة.
ليت كل زوجة تقتنع بأن الحقد والحسد والغيرة هي ما يدفع المحرضات لتدمير أسرتها، وقد تكون الناصحة صاحبة تجربة قاسية مع زوجها، فتسعى لتعميمها وإفساد البيوت على ساكنيها، رافضة أن يعيش زوجان في سعادة وسلام وحب ووئام.
ليتك أيتها السيدة تستفيقي من هذا السراب الذي يدفعك إليه المخببات، وأن تقرئي تفسير قصة خولة بنت ثعلبة، رضي الله عنها، في سورة المجادلة، بعد أن كانت نموذجا للمرأة القوية التي تمسكت بزوجها وجادلت النبي صلى الله عليه وسلم للحفاظ على بيتها.
ليت المخببين والمخببات يدركون أنهم بشرورهم أصبحوا ضعيفي الإيمان عديمي المروءة، ظالمين لأنفسهم معتدين على غيرهم، حققوا مراد الشيطان الرجيم في التفريق بين المرء وزوجه، وأتوا بابا عظيما من الكبائر، والله سائلهم يوم القيامة عن جريمتهم، فقد جاء في الحديث الصحيح: «ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده».
ليت المعنيين في دولتنا الكريمة يضعون حدا لهذه الآفة المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر تضييق الخناق على كل من يحرض زوجة على زوجها لينال أشد العقاب.
أيها الأزواج الكرام.. أحسنوا التعامل مع زوجاتكم، واحذروا من مكر الهواتف ووسائل التواصل، لا تجعلوا في بيوتكم فراغا، املؤوها بالتواجد وعدم السهر، وسدوا على الماكرات منافذ الشر ومصائده.
كلمة أخيرة: أيتها الزوجة الكريمة.. تجنبي «خرابات البيوت» ومجالس الفتنة، فما هن بقدوات ولا ناصحات ولا صديقات ولا محبات، اصبري على زوجك وابتعدي عن المثالية وأوهامها، فليس هناك شخص كامل في هذه الحياة، وتأكدي أنه مهما كانت مميزات الطلاق، فإنها لن تملأ نقص الوحدة والغربة التي تعيشينها بعيدة عن زوجك وأسرتك، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت».
واعلمي أن البيوت أسرار، وفيها ما فيها من الصبر والإيمان، وتحت أسقفها سيدات يحفظن أسرار بيوتهن، صابرات على الضيم، محافظات على أولادهن من الضياع وعلى أسرهن من الدمار، والله إن هذا ربح طيب.. وإن الطلاق فيه ما فيه من الغرور والشرور.. والله الموفق.
riyadhalmulla@gmail.com