جذوة الاشتياق – بقلم : فاطمة المزيعل
كم هو مؤلم شعور الفقد، وبالأخص فقد من غيبه الموت، ذلك الفقد الأبدي الذي لا مفرّ منه، كم هو من الصعب أن تفارق روحا كانت جزءا منك.
فدائما ما يكون الإنسان بين مدّ وجذر في علاقاته الإنسانية تارة، وصنيع أقدار الله – جل جلاله – تارة أخرى.
ففي الفقد بكى شعراء وروائيون وكتاب، فالفقد ليس خيارا أحيانا، بل هو قدر محتوم علينا، لما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون».
يرحلون ويتركون في القلب ندبات لا يزول أثرها حتى وإن توالت الأيام ومرت السنون.. بدونهم يبكي القلب ويجف بكاء العين، فما أصعب ذلك الفقد الذي تبحث فيه عن مدامعك فلا تجدها! تبحث عنها كي تطفئ بها جذوة الاشتياق..تبحث عنها لتخفف وطأة الألم وحدته على نفسك.
يرحلون ويتركون ذكراهم تحيط بنا من كل جانب وكأنهم يبعثون لنا برسالة «لا تنسونا.. اذكرونا دوما! اذكرونا في صلاتكم في دعواتكم لا تذرونا فرادى»!
وكأنهم لا يعلمون أن كل نفس نتنفسه يذكرنا بهم!
وكأنهم لا يعلمون أن خيالهم يحيط بنا أينما حللنا!
الفقد حديثه الصمت، وعندما يفيض بنا يكون لسانه الدموع، ولا ندري أنبكي عليهم أم نبكي على أنفسنا، فانقطع ذاك الحبل فجأة فتمزقت قطعة من روحك، فتتقيد بألم لن يفارقك وإن تظاهرت بعكس ذلك.
لم يعد سوى صدى أصواتهم ترنّ في آذاننا، فلم يكونوا في حياتنا شيئا عابرا لننساهم بهذه السلاسة وكأنهم لم يكونوا يوما، لم يكونوا حلما عابرا، هؤلاء هم من دمعت أعيننا لأجلهم هؤلاء هم من رسمت ضحكاتنا في وجودهم وهؤلاء هم من سجدنا ندعو الله ألا يفارقونا، هم من قضينا بجانبهم عمرنا!
فقدهم بلاء يختبر الله به صبرنا، وإن صبرنا نرقى إلى مراتب الصابرين.
هي لحظات قد تمر على أي واحد منا.. لكن يجب ألا نتركها تقيدنا وتسيطر علينا..ولنتذكر «واصبر وما صبرك إلا بالله».
فعلاقتنا بالله تعالى وكتابه هي خير مهدئ للنفس، سندرك أننا أكثر قوة وأشد تماسكا، وأننا قادرون على الوقوف على أقدامنا من جديد بإذن الله.
اللهم ارحم روحا صعدت إليك ولم يعد بيننا وبينها إلا الدعاء.