هوس التكميم والرشاقة – بقلم : زبن البذال
في السنوات الأخيرة تغيرت الكثير من المفاهيم والسلوكيات عند العديد من البشر لدرجة أن الأمور الثانوية تقدم على الضروريات والحاجات الأساسية، فمثلا قضية الرجيم والتكميم والرشاقة صارت الشغل الشاغل لمعظم الناس من الجنسين وبجميع الأعمار، الأمر الذي أدى إلى الزيادة في عدد الشركات والمطاعم التي تقدم الوجبات الصحية قليلة السعرات الحرارية والدهون، بحسب ما يدعون، وتجد عليها إقبالا شديدا حتى من الأشخاص العاديين غير البدناء، والذين لا يعانون من أي أمراض، لأنها أصبحت هبة وتقليدا بالرغم من تكلفتها وارتفاع أسعارها مقارنة بالأطعمة الأخرى.
وهل يتوقف الأمر عند هذا الحد؟ بالطبع لا، فعندما يرى البعض أن هذه الوجبات لم تفقده الوزن المطلوب فيذهب إلى ما هو أبعد ويبدأ يفكر في العمليات الجراحية وأنواعها وتسمياتها المختلفة لنزول الوزن سريعا غير مبال بالأمور التي ستعقب تلك العملية من تناول أدوية ومكملات وفيتامينات كثيرة، والتوقف عن تناول الطعام بالأسلوب السابق وغيرها من الأعراض التي تستمر معه شهورا وسنوات، وربما طوال العمر. إن تلك العمليات التي أصبحت اليوم موضة لم تخترع او تكتشف ليتم إجراؤها على أشخاص عاديين، انما وضعت من اجل الأشخاص الذين تعدت أوزانهم المئات ويعانون من أمراض مزمنة كالسكر والقلب والضغط بسبب تلك السمنة والشحوم المتكدسة في نواحي الجسم وبعد ان يستخدموا الكثير من الوسائل كالرجيم والرياضة، أي بعد ان يتدرجوا في الكثير من الوسائل والمحاولات مع أطبائهم المعالجين، وعند فشل جميع الطرق فليس أمامهم إلا ان يقوموا بإجراء تلك العملية لإنقاذ حياتهم وتخليصهم من الكثير من الأمراض.
أما ان تصبح العمليات الجراحية متاحة للجميع، لمن يحتاجها أو لا يحتاجها، فهذا لا يجوز، وفيه نوع من السفه واللامبالاة.
اليوم مثل هذه العمليات موجودة في الكويت وخارج الكويت في الكثير من الدول وأسعارها تتفاوت وطبيعي ليس كل الأطباء أمناء ويراعون ضميرهم، فبعضهم هدفه الربح المادي بغض النظر عن الأمور الأخرى. لذلك يجب علينا الحذر وعدم التسرع وتصديق كل ما يعرض أو يعلن عنه من خلال وسائل السوشيال ميديا. على من يحتاج إلى تلك العمليات أن يتدرج ويحاول أكثر من مرة إنزال وزنه بالشكل الطبيعي، قبل ان يقدم على اتخاذ هذه الخطوة. ومن يكون وزنه في الحدود الطبيعية فليس هناك داع يجعله يقدم على مثل تلك العمليات التي راح ضحيتها الآلاف من البشر حول العالم، فالصحة تاج على رؤس الأصحاء لا يراها إلا المرضى.
فالحذر كل الحذر من الإقدام على مغامرة لا تعرف ما هي عواقبها تجعلك رهينة وأسيرا للأدوية والعلاجات والندم والحسرة طوال حياتك.