بصمة المدارس – بقلم : غنيم الزعبي
«يستيقظ صباحا ويتوجه «سيدة» على المغسلة يطرطش وجهه شوية ماي ويلبس دشداشته والغترة والطاقية والعقال، ومو لازم يعدلهم، يضبطهم عند اول إشارة مرور، يركب سيارته يدقها سلف وإلى الدوام ينطلق». قصة قصيرة توضح مشوار الرجل الموظف للدوام.
تعالوا نقارنه ببرنامج الأم المعلمة الصباحي قبل الدوام. استيقاظ ثم مباشرة إلى غرف نوم الأطفال في عملية «تشلع القلب» وهي إيقاظ الصغار المستغرقين في سابع نومة. جهد يعادل المشي كيلو مع سماع العبارة الخالدة على لسان كل اطفال العالم في نفس الوضع «دقيقتين بس.. دقيقتين الله يخليك».
بعد النجاح في إيقاظهم يبدأ مشوار الحمام، أعزكم الله، والغسيل والتنظيف ثم الملابس وبعدها الفطور وهو وحده مهمة مستحيلة.. يا ولدي يا بنتي افطروا يأتيها الرد «مالي خلق.. مالي نفس»، يا حبايبي افطروا امامكم يوم طويل جدا في المدرسة دون فرصة مناسبة للأكل والشرب.
يبدأ بعدها مشوار المدرسة تتحول فيه تلك الأم الخارقة إلى وعاء صبر عملاق فهذا «يعلق الهرن» خلفك، وهذا يريد أن يحذف عليك لاستغلال توقفك ثانيتين لكي لا تصدمي أطفالا عابرين فقط ليسبقك إلى اللفة فوق تحت.
بعد قضاء ربع ساعة في مسافة لا تتجاوز 50 مترا أمام المدرسة لإنزال الأطفال، يبدأ مشوارها للدوام تتحول إلى سائقة في سباق الرالي فالمتبقي على التوقيع وإغلاق الكشف هو عشر دقائق لكن ما باليد حيلة فالتأخير واقع واقع.
لكن بفضل تفهم السيدة المديرة (العالمة بالحال فهي كانت مدرسة في يوم من الأيام) فإنها تعطي تعليماتها لموظفة الكشف او التوقيع بالمرونة قليلا، خمس دقائق، عشر دقائق، ربع ساعة في الحالة الطارئة جدا.
فهذي هي معلمة ومربية أجيال من صالح المدرسة والطلبة مراعاتها قليلا لكي تدخل الفصل وهي في حالة نفسية متزنة وتشعر بالامتنان لمديرتها الفاضلة فتعطي أفضل ما عندها في الصف وهو من واجبها وكرد للجميل للإدارة التي تفهمت ظروفها وراعتها ولم تكن كالسيف المصلت على رقبتها ولم يكونوا عونا للزمن وظروف الحياة عليها.
الآن تعالوا نشوف كيف سيكون آخر جزء من برنامج الأم المعلمة الصباحي في حال وجود البصمة، وهو العشر دقائق أو الربع ساعة من إنزال اطفالهم ثم الانطلاق إلى مدرستها، أو حتى الانطلاق مباشرة إلى مدرستها إذا كان اطفالها في نفس المدرسة وهو احتمال لا يتجاوز 30%.
البصمة جهاز أصم أخرس قلبه أقسى من الحجر لا يعرف هذي أم تواجه شوارع ضيقة مكسرة تتراكم فيها مئات السيارات حتى 20 ثانية لن يتجاوز عنها، وبحكم انه مربوط بديوان الخدمة فالخصم بالانتظار.
خطورة هذا الوضع ان هذه السيدة الفاضلة وضع عليها ضغط هائل للوصول إلى مدرستها في وقت قياسي وخلال ماذا؟ خلال شوارع ضيقة مليئة بالأطفال الذاهبين والماشين إلى مدارسهم.
وهو امر أتمنى ان يأخذه مسؤولو وزارة التربية وديوان الخدمة المدنية بالاعتبار الشديد، فمكان عمل المعلمة يقع في وسط ضواحينا وداخل شوارعنا المليئة بالأطفال الصغار المنتشرين في كل مكان والذاهبين في نفس طريق هذه السيدة الفاضلة ووضعها مختلف عن باقي موظفي الدولة العاملين في وزارات ومؤسسات خارج الضواحي وفي أماكن بعيدة عن تلك الشوارع الضيقة المليئة بفلذات أكبادنا.
المعلمة وضعها غير، فالواجب تهيئة كل سبل الراحة والطمأنينة لها لتؤدي عملها كمربية أجيال على خير وجه.
ghunaimalzu3by@