«أم عامر» لقب لأنثى الضبع، وهي من الحيوانات المفترسة والموصوفة بالغدر، ويضرب مثل «مجير أم عامر» لناكر المعروف الذي يقابل الإحسان بالإساءة، ولقولهم «مجير أم عامر» قصة كلها عظة واعتـــبار، فقد خرج قوم للصيد في أيام حارة، فعرضت لهـــم أم عامر وهي أنثى الضبع، فطاردوهــا حتى ألــجؤوها إلى خباء أعرابي فدخلته، فخرج إليهم الأعرابي وقال: مــا شأنكم؟ قالوا: صيــدنا وطريدتنا عندك، فقال: كلا والـــذي نفسي بــيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيــدي، فرجعوا وتركوه، فقام وقــدم لأنثى الضبع حليبا ثم سقاها ماء، حتى استراحت وعاشـــت، ثم نام الأعرابي فبيــنما هو نائم وثبت عليه وبقرت بطنه وشربت دمه وتـــركته جثة هامدة، فجاءه ابن عم له يطلبه فإذا هو مبقور البطن في بيـــته، فالتفت إلى مكان الضبع فلم يرها، فعلم بالأمر فلحقها حتـى أدركــها فقتلها وأنشأ يقول:
ومن يصنع المعروف في غير أهله
يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر
أدام لها حين استجارت بقربه
محض ألبان اللقاح الدرائر
وأسمنها حتى إذا ماتكاملت
فرته بأنياب لها وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من
بدا يصنع المعروف إلى غير شاكر
وفي واقعنا الذي نعيشه نجد ما يشبه هذه القصة كثيرا، فمن جبل على الخير لا ينسى المعروف على الإطلاق، ومن جبل على الشر لا يثمر فيه المعروف حتى لو أعطيته ماء عيونك، علما بأن الوفاء من أسمى القيم الإسلامية وأرفعها، وهو بعد ذلك خلق الكرام وصفة من صفات النفوس الشريفة، وقد قال حكيم: إذا أحسنت لمن أحسن إليك فأنت البر الوفي، لذلك أقول إذا أحسنت إلى احد فلا تنتظر منه الوفاء ورد المعروف بالمعروف ولكن اجعل إحسانك خالصا لوجه الله تعالى فجزاء الله هو الجزاء الأكبر، ودمتم سالمين.
